المخاوف التى تتبناها بعض الآراء من فكرة مقايضة الحرية بالأمن.. ومنطق الجمع داخل سلّة واحدة بين حق المعارضة.. مع خطورة اللحظة التى تقتضى الاصطفاف العام.. مع مخاوف تقلص هامش الحريات، يفرض خلط للأوراق وتغاضى عن الخيوط الدقيقة التى تفصل بين كل هذه المطالب.
المعارضة ليست كتلة جماد صلبة.. هى قوة فعل سياسى مطلوب لأى نظام.. لا تعيش منفصلة فوق برج عاجى بعيدا عن الحدث والحاضر على أرض الواقع.. بل والمستقبل. الأمثلة لا تُحصى عن اللحظات التى توحدت فيها مواقف حزبى الجمهوريين والديمقراطيين فى أمريكا، أو حزبى العمال والمحافظين فى بريطانيا أمام مخاطر هددت أمن بلادهم. القناعة العامة لدى الشارع أن الممارسات التى تقوم بها جماعة "طز فى مصر" لا تمت بأى صلة إلى المعارضة التى عرفتها مصر عبر تاريخها المعاصر.. على سبيل المثال لا الحصر، لم يلجأ حزب الوفد – بكل الشعبية التى كان يحظى بها- حين أقصاه القصر الملكى عن الوزارة، إلى إراقة الدماء والتخريب.. لم يفعلها حتى الحزب الوطنى منذ أربع سنين - رغم كل الفساد الذى كان ينخر بين كواليسه - على مدى تاريخ مصر، لم يبلغ إجرام أى فصيل مستوى ممارسات الجماعة وحقدها تجاه مصر والنهم إلى السلطة ولو على جثة 90 مليون مصرى.. والسُبُل كلها "حلال".. من إغراق الشوارع بالزيت حتى التفجير.
المثير للسخرية أن قنواتهم الفضائية "الكوميدى"، لا تتوقف عن ترديد الأسطوانة المشروخة عن ذوبانهم فى عشق "مصريتهم".. بينما واقعيا هم يعيشون أزهى عصور الانفصال عن نسيج الشعب الوطنى بعدما قطعوا حتى "شعرة" التعاطف معهم.. ولا تخجل من التغنى بأمجاد الثورة التى لم يعترف بها أصلا أمامهم حسن البنا ورفضها كفكرة فى كل كتاباته.
المعارضة السياسية قطعا لا يلتقى دورها عند أى نقطة مع عبث "صبيان" الجماعة.. خصوصا إذا أدركت حجم المسئولية المزدوجة التى تقع على عاتقها مستقبلا.. خلق أجواء للعمل المشترك مع النظام من أجل تدعيم الجبهة الداخلية فى وجه التهديدات- وهى حقيقة تواجهها مصر رغم إنكار الحالمين- ثم تقوية دورها كشريك مؤثر فى صنع القرار السياسى.
الناظرون تحت أقدامهم بمعزل عن الأحداث التى تكاد تعصف بالمنطقة العربية، ونجحت بالفعل فى الإطاحة باستقرار بعض هذه البلاد، عاجزين عن إدراك "حيوية" دور المعارضة، هى ليست مجرد شعار يُزين الأعلام والجدران، إنما قوة توجه أدوارها المختلفة وفقا لمصلحة بلادها.. قد تتباين هذه الأدوار بين فترات الاستقرار والمواجهة.
المخاوف من تقلص هامش الحريات مطلب مُتفق عليه فى إطار العمل السياسى، شرط أن توازيه مخاوف من اندساس مخالب الفوضى ودعاوى التخريب إلى جسد هذه الحريات.. والتجربة مازالت ماثلة أمام الذاكرة، حين نجحت فوضى عصابات الإجرام فى تدنيس ثوب ثورة يناير، وانتهكت براءة شبابها وفتياتها اللذين لم نرهم يستعرضون نجوميتهم أمام الشاشات ولا دنسوا "الخصوصية" المصرية للثورة بإدخال عناصر أجنبية عليها.. كما أن الحريات لا تستطيع العيش داخل جدران القمع.. هى أيضا تصاب بالاختناق من غازات الفوضى السامة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة