ما يروجه الإرهابيون من عزمهم على حرق القاهرة يوم الجمعة القادم، أمر يدعو للحزن على هؤلاء وعلى ما وصلت إليه نفوسهم الضعيفة، فهم يؤكدون كل يوم أنهم لا يمكن أن يكونوا مصريين بحال من الأحوال، إنهم يزعمون أن لديهم مائة وخمسين ألف شاب قادرون على إحراق مصر وكل مؤسساتها، فإذا كان الأمر هكذا فهذا اعتراف رسمى بأنهم إرهابيون وأنهم ضد الوطن وضد المصريين وضد المواطنة. بل ضد كل القيم الإنسانية والعدالة والضمير الوطنى.. ويبدو أن هذه المفردات ليست فى عقلهم أو قلبهم.. ومصر أبداً ما كانت هكذا ولكنها ستعود، كما رسمها الزعيم السيسى - أم الدنيا - وقد الدنيا - القضية ليست فى تهديدات مستمرة للشعب والجيش والشرطة وللوطن وللمؤسسات والوزارات.. القضية اتسعت لأن جهات أجنبية لا تزال تلعب فى المنطقة سعياً لزعزعة الاستقرار وتقليم أصابع الوطنية والنيل من كرامة مصر. هؤلاء يملكون المال ويضخون الملايين من الدولارات على عملائهم هنا وهناك.. ولكنهم فى كل مرة يزدادون فى كراهية الناس لهم.. ولا أعرف أى فكر يحركهم وأى انتماء ينطلقون من خلاله. وهم لا يعرفون الانتماء.. ويقينى أن هذا السيناريو الحقير وبالمناسبة هو السيناريو الوحيد لديهم - سيكون هو سلاحهم الذين يلوحون به بين حين وحين لدعم موقفهم الهش الذى لا يستند إلى أى منطق فهم لا يملكون سوى التهديد وسيظل هذا الشكل مستمراً مادامت التدخلات الخارجية حاضرة فى المشهد المصرى الرئيسى، وهو بالمناسبة البوابة الرئيسية للمشهد العربى شرقاً وغرباً.
ولعل هذا هو حال ما وصلوا إليه، وفى ضوء العرض السابق يكون أول مجال يدور حوله الموقف المصرى هو المجال الأمنى بدءاً بسيناء التى عانت الكثير من تجاوزاتهم ولاتزال وقد تمكن الجيش المصرى الرائد من زعزعة يقينهم وتدمير سلوكياتهم والمنتجات الفاسدة التى روجوا لها فى الشارع المصرى من أجل أوهام لا جذرو لها ولا أساس.. مصر فى حاجة ماسة إلى الاستقرار الحقيقى الكامل بعيداً عن هذه المؤامرات.
نحن فى حاجة إلى البناء وتصحيح الكثير من الأخطاء التى نتجت عن العهود السابقة وسلبياتها.. البلد فى حاجة إلى نهوض قومى وعمران وتخطيط، وتعديل فى النظام التعليمى وتعديل فى أنظمة الصحة.. وتنوير فى تفكير الشباب والارتقاء بالخطاب الدينى الذى تيبس منذ سنوات طويلة وتجمدت أطرافه بحيث أصبح الاجتهاد نوعاً من العلم المرفوض، بينما التطرف الدينى تسيد فى سنوات منتصف السبعينيات وحتى يومنا هذا.. بلا مبرر وبلا رادع وبلا علم.
مصر اليوم فى حالة حسم للقضايا.. ولهذا فستظل الشؤون الاقتصادية والاجتماعية فى مقدمة الاهتمام مع تفادى الحوار حول المشاكل التى يثيرها هؤلاء المرتزقة، وهم لا يريدون سوى تعطيل مسيرة الوطن. وهى مؤامرة ترتبط بأجندات أجنبية ونحن نتساءل: هل هؤلاء الذين يلوحون بسعيهم لحرق مصر يوم 28 نوفمبر الحالى، هل هم أنفسهم الذين سعوا لرسم خريطة تقسيم مصر طائفياً ومذهبياً.
هم هؤلاء الذين حاولوا تمزيق العراق وربما نحجوا فى كثير من تخطيطهم وكذلك نجحوا فى اليمن التى صارت ست دويلات مع تغيير النظام الدينى هناك وبمؤامرة إيرانية تحولت اليمن إلى دولة شيعية برعاية الحوثيين الذين اشترطوا أن تكون لهم الغلبة فى الوزارة الأخيرة.
هؤلاء الذين يهددون مصرهم يتمسحون بالدين والدين منهم براء. لقد لفظهم المجتمع المصرى الذى ينظر شماله وجنوبه وشرقه وغربه ليرى الأمة العربية فى حالة تشتت وتمزق بفضل هؤلاء.. وهو درس عرفه المصريون وتمكنوا من تحويل الكابوس إلى فجر جديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة