هناء عبد الفتاح

إبداع خارج من رحم الداخلية

الجمعة، 21 نوفمبر 2014 09:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أشعر بدهشة بعد ما سمعت خبر إلقاء القبض على طالب جامعى بتهمة حيازة رواية 1984 لجورج أورويل، فهذا والأسوأ منه متوقع جدا حدوثه بسبب تضافر الظروف التى هيأت للتضييق على الحريات بعد أن أساء الحمقى منهم استخدامها بكل ما تحمله الكلمة من معان، وأيضا لأننى أصبحت على قناعة تامة أن الحريات المطلقة مفسدة مطلقة وأن قطاعا كبيرا من هذا الشعب لا يفهم معنى الحرية ولا يعى حدودها للأسف.

الدهشة والغرابة حدثت لأنى لم أكن أتخيل يوما أن جهاز الشرطة فيه شخص مثقف، يقرأ ويتابع الأعمال الأدبية ويعرف محتوى الكتب والروايات ولديه فكرة عامة عن التدوينات اليسارية وأيدولوجيات معارضة الأنظمة الحاكمة، كنت أسأل نفسى: من أين عرف ضابط الشرطة الذى ألقى القبض عليه أنها رواية يسارية تتكلم عن مستقبل الحكم الشمولى وديكتاتورية الأنظمة المتوحدة؟!، تعجبت هكذا لأن الصورة الذهنية فى عقلى عن شخصية ضابط الشرطة هى أنه شخص لا يرى فى القراءة أهمية ولا فى المعرفة لزوم والإطلاع بشكل عام ليس من اهتماماته!

كنت أتحدث عن تلك الواقعة مصادفة بهذا المنظور أمام العقيد أيمن جودة مأمور قسم شرطة الزاوية الحمراء فكان رده عليا هو المفاجئة الأكثر مدعاة للدهشة والعجب، دافع بكل حماس عن أبناء مؤسسته وأكد أن عناصر كثيرة منهم حملة ماجستير ودكتوراه، يقرأون ويطلعون ومنهم جزء لا يغفل من المبدعين.

واتخذ نفسه كمثال حى على كلامه وأطلعنى على أعماله الفنية كشاعر وتكتشفت أن له أعمالت فيها فكر وإبداع حقيقى ومنها أغانى للكينج محمد منير مثل "إقرار" وإيهاب توفيق فى ألبومه الجديد "طالق" ووليد سعد "أنا الشهيد" وأيضا تتر المقدمة والنهاية لمسلسل "الأخت تريز" الذى قامت ببطولته حنان ترك، هذا بخلاف دواوين الشعر التى أصدرها!!

هنا جاءنى شعور بقصور الرؤية وبخطأ الفهم، واكتشفت أن اعتراضى على معظم سياسات الداخلية فى التعامل مع المواطنين انعكس على تقييمى لهم كأشخاص وجعلنى أعمم انطباعا فكريا عنهم لا داع لذكره.

أتوقف أنا الأن أمام فكرة وجود مثقفين ومبدعين فى جهاز الشرطة، على الوزارة أن تقدم لهؤلاء كل سبل الدعم والدفع والتكريم، وأن تبرزهم وتظهر نشاطهم الإبداعى فهذا ليس من أجلهم وإنما هو فى المقام الأول من أجل تغيير الصورة المأخوذة عن أفكار وعقول عناصر هذا الجهاز فى أذهان مكونى الرأى العام وهى صورة قاتمة جدا بالمناسبة.

هؤلاء هم أدوات "الميك أب" التى يمكن أن يستعملها الوزير لتفتيح وجه الوزارة وإخفاء عيوبه وندباته ومواضع الإرهاق فيه، لو أوجد المساحة لتنفيذ هذا المقترح سيفرق كثيرا لديهم وسيستفيد الجهاز كله من هذا الفارق!









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة