مادة "شهد" فى اللغة وما يتفرع عنها من أسماء وأفعال ومصادر، مادة غنية ومتنوعة وتتسع لمعانٍ مختلفة، فالشهود يعنى الرؤية ويعنى: الذين شهدوا أى رأوا أو أدلوا بشهادتهم التى هى أقوال تحكى ما شاهدوه أو علموه.
وقد وردت كلمة الشهادة فى القرآن الكريم للدلالة على معنى شريف هو الموت فى سبيل الله، وفى قوله تعالى "ولا تكتموا الشهادة" قصد بها التحذير من كتمان المرء للحقيقة التى شهدها، وأن كتمان هذه الشهادة إثم كبير وصفه الله تعالى بقوله "ومن يكتمها فإنه آثم قلبه"، ووردت مادتها فى سورة يوسف "وشهد شاهد من أهلها"، أى أدلى واحد من أهلها برأيه المستند إلى واقع الحال، ووردت فى سورة البروج فى قوله تعالى "وشاهد ومشهود"، وقوله "والله على كل شىء شهيد"، أى مطّلع ومشاهد.
وتبلغ إساءة استخدام كلمة الشهيد قمتها حين يطلق الإرهابيون- الذين يقتلون الناس ويقطعون رءوسهم، ويجعلون رجال الجيش والشرطة الذين يحمون البلاد من الداخل والخارج أهدافا مستباحة لهم- على قتلاهم صفة الشهداء، فما أبشع الخلط الذى أصاب الحياة هذه الأيام، فصفة الشهيد تلصق بالقاتل زورا، وتلصق صفة الكافر بالشهيد تجبرا وكذبا، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وفى حياتنا المعاصرة أصبحت كلمة الشهادة فى استخداماتها العامية تحل محل كلمة "الإجازة" التى كانت تعنى فى أزمان سابقة إجازة عالم أو شيخ لأحد تلاميذه أو مريديه بتدريس علمه الذى أجاد فى حفظه وأخذه عنه، فأصبحنا نقول: حصل فلان على شهادة إتمام الدراسة الثانوية أو الجامعية وهكذا تغير استخدام الكلمة ليؤكد تطور اللغة بتطور حياة الناس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة