التحريف فى الأبيات الرائعة للإمام الشافعى لا يبعد المعنى عن فضيلة النقد الذاتى، والذى أصبح فى تاريخنا المعاصر يثير التحفز وتبادل الاتهامات لدرجة أنه خلق حاجزا نفسيا أمام حياد الكلمة، فى كل حالاتها.. النقد الموضوعى لخطأ ما ترتكبه السلطة.. أو الإشادة بأى إنجاز إيجابى تحققه.
العيب فينا.. حين تملأ الدنيا تصريحات ومقالات عن عودة ما يطلق عليه "الفلول".. بينما فى ذات الوقت يُنظم أصحاب هذه الآراء قصائد التمجيد فى وعى الشارع المصرى!.. أى من هذه الآراء المتناقضة نصدِق؟.. الأول الذى يتعامل مع الوعى المصرى كطفل لم يبلغ مرحلة الإدراك بعد، بالتالى سيتوجه بكل سذاجة إلى إعادة إعطاء صوته فى الانتخابات القادمة للفلول، وكأن الذى قام بثورة ضد هذه الأسماء منذ أربع أعوام شعب آخر!! أم نبرة الثقة المطلقة فى أن الوعى العام وحده كفيل باستبعاد من سبق له أن رفضهم وثار عليهم.
العيب فينا.. بعدما عانت الأحزاب عشرات السنين من التحجيم والتقييد، مما أوقع البلد فى حالة الفراغ السياسى الذى عجزت القوى المدنية عن التعامل معه عقب ثورة يناير، ثم بعدما أصبح الطريق ممهدا أمامها للعمل بكل حرية، فشلت الأحزاب المدنية أيضا فى تحقيق ما يُفترض أن يكون هدفها الأساسى.. العمل على توسيع قواعدها الشعبية فى الشارع تمهيدا للحصول على أكبر عدد من المقاعد فى الانتخابات. دون أى إدراك حقيقى لخطورة الظروف المحيطة بتوقيت الانتخابات القادمة تحديدا، والتى تستدعى مخاوف أهمها تسلل التيارات الدينية تحت مسميات مختلفة، والانشغال بالمعارك الهامشية عن هدف ظهور مجلس يشكل كتلة عمل سياسى متناسق بين كل القوى الحزبية المدنية وعلى رأسها المعارضة.
هذه القوى ما زالت منذ أربع سنين أسيرة القصور فى الأداء الحزبى، انشغلت بالمعارك والأطماع الشخصية على حساب خلق تحالفات مدنية تستمد قوة تأثيرها فى القرار السياسى من قواعدها الشعبية.. ثم لا يخجل بعض المنتمين إلى هذه الأحزاب من تعليق فشلهم على شماعة الحكومة.
العيب فينا.. حين يتعالى الإعلام-سواء المقروء أو المرئى- على كل المحاولات العاقلة وهى تمد يد العون لانتشاله من دائرة الفوضى وعدم المهنية التى أدت إلى انصراف الرأى العام عنه.. بينما نقابة الصحفيين تدلى بتصريحات براقة عن دعمها الحرب ضد الإرهاب، وهى فى الواقع مازالت عاجزة عن السيطرة على أى تجمع- سواء على سلالم مقرها أو داخل قاعاتها- والذى غالبا ما ينتهى إلى "هوجة" من السباب والشتائم الصبيانية.. الأغرب أن يرتفع صوت الغضب النقابى أمام كل دعوة للإصلاح ولا أحد يسمع له همسا حين تحدث داخل النقابة ممارسات لا علاقة لها بالمعارضة السياسية،. يعقد القائمون على الإعلام الاجتماعات وتصدر البيانات.. ثم يبقى حال الفضائيات على أرض الواقع مجرد "بوتيكات" لاستعراض البطولات الشخصية.. ولا عزاء لقواعد و ضوابط المهنة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة