اليوم يمر 82 عامًا على رحيل أمير الشعراء أحمد شوقى بك «مولود فى 1868»، إذ رحل عن دنيانا فى 14 أكتوبر عام 1932، وبهذه المنسبة دعنا نطل على تجربة شوقى مع شعر العامية، فإذا كان كل الشعراء العرب المتميزين قد هبطوا مصر، ومنحوه لقب أمير شعراء الفصحى عن طيب خاطر فى احتفالية مهيبة عام 1927، فإن إنجاز شوقى لم يقف عند هذا الحد فحسب، فالرجل كان الرائد الأول فى اقتحام المسرح الشعرى، وأبدع فيه عدة مسرحيات بالغة الأهمية لعل أشهرها «مجنون ليلى».
لكنى اليوم أريد أن أتحدث معك عن شوقى الآخر.. شوقى عاشق الموسيقى والطرب، شوقى الذى فتنه صوت الشاب الواعد عبدالوهاب حين التقاه للمرة الأولى فى عام 1924، فقرر احتضان هذه الموهبة المتفجرة، فخصص له غرفة فى قصره - كرمة ابن هانئ بالجيزة - وأقدم على خوض عباب بحر الشعر العامى الذى نبغ فيه بيرم التونسى وأحمد رامى وبديع خيرى.
أكثر من عشر أغنيات كتبها شوقى كى يلحنها، ويترنم بها عبدالوهاب، وكلها تدل على أن كاتبها بارع الخيال واسع الحيلة، يعرف كيف يصطاد أرق المشاعر باللهجة العامية المصرية اللينة. تذكر معى مطلع «فى الليل لما خلى/ 1929» يقول شوقى: «فى الليل لما خلى إلا من الباكى/ والنوح على الدوح حلى للصارخ الشاكى/ ما تعرف المبتلى فى الروح من الحاكى».
أما فى أغنيته «اللى يحب الجمال/ 1928» فيقول أمير الشعراء: «اللى يحب الجمال يسمح بروحه وماله/ قلب إلى الحسن مال/ مال العوازل وماله/ الحب طير فى الخمايل شفنا عجايب فنونه/ حاكم بأمره وشايل على جناحه قانونه/ تيجى تصيده يصيدك ومن سلم من حباله/ وكل خالى مسيره يعذب الحب باله».
أرأيت رقة وعذوبة وطلاوة أجمل من ذلك؟
من أحلى أغنيات عبدالوهاب لشوقى قصيدته الناعمة «النيل نجاشى/ 1933» التى شدا بها الموسيقى المجدد فى فيلم الوردة البيضاء، وكذلك أغنيته الفاتنة «بلبل حيران/ 1930»، فليتك تنصت إلى روائع شوقى بالعامية لتتحقق من أنه أميرها بحق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة