لى قرابة مع شابين شقيقين سافرا إلى لندن منذ نحو 15 عامًا لغرض العمل، وبمقتضى القانون البريطانى أصبح لهما الحق بعد 10 سنوات فى الاستفادة الكاملة بحقوق المواطن الإنجليزى باستثناءات قليلة، وبمقتضى ذلك اصطحبا أسرتيهما للعيش هناك.
هما من أصحاب الدخل المادى العادى، فكلاهما موظفين فى إحدى السفارات العربية فى لندن لكنهما يسددان كل الضرائب المقررة طبقا للقانون الذى تعمل به البلاد، ويلتزمان بكل ما تقرره الحكومة البريطانية من حقوق لها على أى مواطن بريطانى
أو من جنسية أخرى تعيش على أراضيها، وخشيا فى البداية من اصطحاب أسرتيهما خاصة أن قوام الأسرتين أطفال فى مراحل الدراسة الأولى، لكنهما أقدما على خطوة لم الشمل ليكتشفا عكس مخاوفهما المسبقة، وفى إجازة عيد الأضحى سمعت منهما ما يبعث الأسى والحزن على أحوالنا
كل الأبناء وهم أطفال يتعلمون فى المدارس الإبتدائية بالمجان، يتحصلون على أفضل تربية دون أى إرهاق مادى للأسرة، يخضعون لرعاية صحية ونفسية وتربوية واجتماعية هائلة.
أكبر أبناء أحدهما وهو طفل فى الثامنة من عمره، لم يستطع الالتحاق بمدرسة خاصة للغات قبل سفره لضعف قدراته طبقا لتقدير من اختبروه، وبعد عامين من سفره والتحاقه بالمدارس هناك أصبح متفوقًا، ويتحدث اللغة الإنجليزية كما يتحدثها الإنجليز.
نفس الطفل يجلس بجواره طفل إنجليزى أسمر فى فصله الدراسى، وفى يوم قال له زميله «الأسمر»: «ارقص» فرقص بتلقائية ولم يزد عن رفع يديه وهز جسده لثوانٍ، لكن هذا التصرف الذى رأته مدرسته غريبًا لم يمر مرور الكرام، حيث قامت المدرسة بمخاطبة الأسرة عما حدث، وأرسلت إليها أخصائية اجتماعية، وأخرى نفسية للسؤال عما إذا كان هناك جديد قد طرأ على تصرفات التلميذ الطفل، وبالطبع لم تكن كل هذه الإجراءات مجرد تسديد أوامر، أو ملء الأوراق ببيانات ثم إلقائها فى سلة المهملات، وإنما هى إرادة الوصول إلى ما إذا كان الطفل قابله جديد فى حياته قد يؤثر على حياته فيما بعد، أضف إلى ذلك وضع ملف متكامل عن تطور حياة الطفل وتحولاتها للاستفادة منه فيما بعد.
الاهتمام لم يقتصر على ذلك، بل يمتد إلى تصرفات أخرى تتمثل فى إرسال المدرسة لمدرس أو مدرسة لمساعدة الطفل فى المنزل، وذلك فى حال ملاحظة المدرسة أن الطفل متعثر فى مادة دراسية معينة، وأنه يحتاج إلى وقت إضافى لاستيعابها حتى يصل إلى المستوى الطبيعى دراسيا، وهذا أمر لا خيار فيه، لأن الطفل طوال وقت الدراسة عهدة المدرسة فى مسألة التحصيل الدراسى والعلمى.
أحد الشقيقين رزق بتوءم، فلما ذهب لتسجيل البيانات الخاصة بهما، تبين للجهات المعنية من واقع البيانات الموجودة لديها، وجود طفل شقيق للتوءم يكبرهما، وبناء على ذلك رأت هذه الجهة أن رعاية الأطفال الثلاثة فوق طاقة الأم، فتقرر إرسال «مربية» لها يوميًا بعدد ساعات محددة، وبالطبع كل هذا يتم بالمجان، ودون تحصيل أى أموال، فالأب يدفع الضرائب المقررة عليه طبقا للقانون
ولا يتخلف عنها مهما كانت الظروف. بالطبع أنا لا أقدم جديدًا فى ذلك، فكل من يعرف المجتمعات الغربية على دراية بذلك، لكن أحكى ما سمعته ليكون السؤال: «كم سنة تفصلنا عن هذا؟».
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة