د. فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: على هامش الحنين

الأحد، 12 أكتوبر 2014 07:06 ص
د. فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: على هامش الحنين غروب الشمس - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للحنين فى حياتنا فصول.. تارة حين يحرقنا بشوقه.. وتارة حين يقف بنا على أطلال ذاكرتنا ويعيد علينا التاريخ حيا فيجدد مشاعرنا ويبكينا ويبكى من عاشوا فينا.

يلتهب فى ساعات الليل ويضج فى سكونه.. ويأبى على جفنك أن يقابل جفنك الآخر.. فلا هو يرتاح ولا يتركك تنعم بالراحة.. حتى يفقد قوته ويستسلم للإرهاق الذى تمكن منه فتخر عضلاته فى صمت معلنة نهاية يوم دامى بدموع لا تقل أهمية عن الدم.

حتى إن اخترت الصمت فها هى حواسك تخبرنا بكل شىء.. ذلك الحزن فى عينيك.. وتلك الرجفة فى يديك.. وهذه الابتسامة التى تنزل بك فجأة دون مقدمات لتفصح للجميع بمن مروا بخاطرك.. وجالوا فى أنحاء ذاكرتك
كالمريض الذى لا يُرجى شفاؤه حالك.. أو كالذى اكتفى من الحياة فقرر أن يعيش على هامشها.. زاهداً فى كل شىء إلا ذكرياته.

يتربص الأحلام حين تهديه طيفاً يلامس فيه الواقع بخيوط واهنة.. فتنفلت منه الخيوط بعدما ينتهى وقته.. ثم تتركه بخير أو هكذا يظن.. لكنها فى الحقيقة تعيده إلى حيث الماضى.. وحيث توقفت بهم الحياة .

غريب أنت وإن كنت داخل وطنك.. فى وسط كل شىء.. أنت فى الحقيقة لا شىء.. سوى حاضراً يعيش فى ماضى أُلتقط فيه أجمل المشاهد ليرتوى منها دون أن يبتل ريقه.. يروى ظمأً بظمأ.. وحنيناً بشوق.

كيف يعيش تحت سطوة كل هذا الحنين.. و كيف رغم كل هذا يكابر فيأبى أن يبدأ بالسلام بالعفو والصفح.
كيف لا يبادر هو وكل يوم يقتص منه الحنين لهجرانه ويفرض عليه ضرائب قسوته على نفسه وعليهم.
كيف لا يتصل بهم.. هل يستطيع أن ينسى ذات يوم أرقام هواتفهم.. أو مكان منزلهم.

إنه مصاب بذلك النوع من الحنين الذى يجعله ضعيفاً واهناً لا يستطيع أن يواجه.

يخاف من أن يفقد كل الذكريات الجميلة عندما يلتقى بصورتهم الجديدة التى نحتتها الحياة فغيرت فيهم طباعا واستحدثت فيهم صفاتا لم يتخيلوا يوما أن تكون فيهم.
إنها الرغبة فى رؤوية الكمال.. الذى لن ينبغى يوماً لبشر
واقعٌ فى شرك خطيئتك الأولى.. التى لن تغفرها يومـا لنفسك
تدفع كل يوم ثمن هذه المسافات التى استحدثتها.. والحدود التى اصطنعتها حول جزيرتك المعزولة.. لتثبت لأولئك البشر أنك تستطيع أن تعيش وحيداً.. لا تحتاج إلى بشر.. و لن تطلب العون من بشر
أن تثبت أنك بخير.. لأنك بمفردك
إنها الرهبة من البشر.. وتلك هى الآثار النفسية من الوحدة والغربة
ستصح ذات يومـاً.. أن سمحت للغرباء أن يدخلوا جزيرتك
وأن ينفضوا عنك عزلتك
ستشفى عندما تلامس بيديك الواقع وتحاول إعادة الود إلى ما قد سبق








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة