توقفت بانبهار أمام الحضور الطاغى لوزير الأوقاف، الدكتور مختار جمعة، وهو يجيب عن أسئلة الجمهور فى ندوة أحسبها قضايا شائكة تواجه الناس ولا يجدون أنفسهم أمام الحلول، خاصة مع انتشار الفتاوى، وكثير منها غير مسؤول، ولا يعرف صناعها الجرائم التى يمكن أن ترتكب من وراء فتاواهم.. الدكتور جمعة حين يضع يده على مواطن الضعف فى تساؤلات الناس تجده يحسمها حسمًا قاطعًا لا تقبل معه المساومة أو الجدال، وقد أسعدنى أن الأمر قد وصل إلى منطقة المسؤولية، حيث تم تشكيل لجنة من كبار العلماء تضم قيادات الأزهر، علماء مصر الأفاضل الذين يمتلكون ناصية الوعى والمعرفة والمنزهين عن الهوى، هذه اللجنة تجعلنى أطمئن على الأجيال القادمة التى كم تاهت فى غياهب فوضى الفتاوى. اليوم زى الأزهر الشريف يستعيد مكانته بقيادة شيخ الأزهر فضيلة الشيخ الدكتور أحمد الطيب، الرجل الذى أحسبه جاء فى موعده مع القدر.. أحسّ أن الله سبحانه وتعالى قد وهبه لمصر وللأمة الإسلامية فى هذا الوقت ليعيد مكانة الإسلام الوسطى، ويحفظ توازن الفكر الإسلامى الذى حاول كثيرون اللعب على أوتاره، والدوران حول الثوابت والتقاليد.. الدكتور الطيب قادر باستنارته على حسم القضايا، ولهذا فأنا أتمنى أن يستثمر المصريون هذا الجو الصحى الذى نعيشه باكتمال دائرة علمائنا الأفاضل.. تذكرت هذا وأنا أتابع ندوة وزير الأوقاف، الرجل المستنير، أستاذ النقد الأدبى الذى تحدث بوعى وعمق وثقة لم أشهدها من غيره، استمعت إليه كما لم أستمع لأحد من قبل، أجاب عن أسئلة تدور حول الزواج العرفى، وزواج المسيار، وفوائد البنوك، والخلاف حول الموت الإكلينيكى، ودور المرأة الداعية والمدعوة، ومثل هذه الأمور التى تحتاج إلى حسم بين الحلال والحرام.. هذه الأسئلة الشائكة التى شغلت الرأى العام سنوات طويلة، ولم يحسمها أحد، بل إن كثيرين تكسبوا من وراء هذه القضايا التى فيها تحريف للآراء، ولكن الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، أجاب عن الأسئلة بدقة أحسست معها أنه لا توجد لدى الرجل كلمة مستحيل، وأن كل سؤال عنده له حل واضح.. أشبعتنى الندوة التى تكلم فيها الوزير بحكمته الشديدة، ولغة الخطاب الراقى الذى اعتبره قدوة، فنحن نطالب دائمًا بتطوير الخطاب الدينى، خاصة فى تلك الظروف التى تعيشها مصر وسط تحديات نحياها فى مواجهة الإرهابيين وجماعات التطرف الدينى.. لكن رجل بحجم الدكتور مختار جمعة جعل من وزارة الأوقاف، وزارة توعية وتنوير، كل يوم يعيد اكتشاف طاقات كانت مجهولة بالوزارة، وكل يوم أيضًا نكتشف عمق هذا الرجل وخريطة فكره التى تسعى إلى أن تمتد إلى أن تصل إلى كل مصرى.. نحن نطمئن على وزارة الأوقاف أن يكون على رأسها رجل بحجم وشخصية هذا الوزير الذى يحمل بين طياته الكثير والكثير من أدوات التخطيط نحو العبور من مأزق الجهل الدينى إلى الفهم الصحيح للدين.. لقد كانت قوافل التوعية فى كل ربوع مصر أحد مصادر هذا الوعى، وهى بالتنسيق بين الأزهر ودار الإفتاء، إلى جانب نجاحه فى استعادة مساجد مصر التى كانت تسيطر عليها جماعة الإخوان الإرهابية.. الوزير يضرب بيد من حديد على أوكار وعشش الفساد، وأنا لا أبالغ إذا قلت إننى حينما كنت أستمع إليه كنت أعيش فى رحاب منارة للعلم والدين الوسطى الصحيح الذى ينير للعالم العربى والعالم أجمع.
كنت أستمع إلى حديث الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، وكأنه كان يلقى محاضرة رفيعة المستوى، تخرج منها وأنت مقتنع تمام الاقتناع بكل كلمة وكل حرف.. وهذه مقدرة رجل جاء فى موقع المسؤولية ليضع بصمة خاصة يلخص من خلالها شخصية الوطن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة