اللهاث المحموم الذى نسمع إيقاعه البائس هذه الأيام لتشويه ثورة يناير 2011 يهدف بالأساس إلى أمرين.. الأول زعزعة ثقة الشعب فى نفسه، والثانى إبراء ذمة الفاسدين والمنافقين والجهلة الذين التفوا حول مبارك وأسرته طوال ثلاثين سنة معتمة، أدت فى النهاية إلى سقوط رأس النظام وزبانيته فى ثورة شعبية نادرة المثال على مر التاريخ.
الآن وبعد مرور ثلاثة أعوام على هذه الثورة تعال نراجع الوقائع لنحسب ماذا ربح الشعب المصرى وماذا خسر فى هذه الفترة. من أهم المكاسب: استرداد الشعب لثقته فى قدراته اللا نهائية على الإطاحة بأى نظام إذا استبد وطغى. اكتشاف طاقات مهولة للشباب المصرى العظيم على الحشد من أجل الوصول للهدف. إسهام المرأة المصرية بنصيب كبير فى المشاركة فى الثورة بعد أن ظلت عقودا طويلة محرومة من ممارسة حقها السياسى. اكتساب مساحات مذهلة من الحرية الإعلامية. ارتفاع الوعى السياسى لدى الجماهير بشكل غير مسبوق طوال هذه السنوات الثلاث. اكتشاف الخديعة الكبرى لجماعة الإخوان، والاحتشاد بالملايين لإسقاطها. تحطيم أى محاولة لإفساد العلاقة بين أبناء الوطن الواحد من مسلميه ومسيحييه.
أما الخسائر فأبرزها: إخفاق الشعب الثائر فى استلام السلطة بعد طرد مبارك من عرين الرئاسة. تردد المجلس العسكرى الحاكم فى اتخاذ قرارات ثورية لصالح ملايين الفقراء والبسطاء. عدم استكمال الثورة السياسية التى أطاحت بنظام مبارك إلى ثورة اجتماعية تزيح الطبقة الفاسدة التى تحكمنا منذ أربعة عقود. تسلل رجال مبارك وعودتهم بالتدريج إلى المشهد السياسى بوقاحة «بعض إعلامييهم يترأسون مؤسسات صحفية ويكتبون مقالات يومية ويقدمون برامج على الفضائيات إلى آخره». الفشل التام فى تنظيم أحزاب سياسية ثورية تنهض على رؤى وأفكار تنحاز إلى الفقراء والبسطاء وتعمل لصالحهم. الإحباط العام الذى سيطر على قطاعات كبيرة من الشعب خاصة الشباب. القتل والتخريب والتفجير الذى لجأت إليه الجماعة وأنصارها بعد ثورة الشعب ضدهم.
حسنا.. إذا كانت هذه الفاتورة صحيحة، وأظنها كذلك، فماذا نفعل مع المستقبل؟ علينا استرداد الثقة فى قدراتنا والاحتفال بثورة يناير المجيدة بقلوب مترعة بالتيه والفخار، ثم التفكير جديًا فى تنظيم أنفسنا فى أحزاب سياسية تستهدف إقرار الحرية والعدل الاجتماعى فى المقام الأول.
كل ثورة وأنت طيب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة