كل شخص ميسر لما خلق له، ومصر شاء قدرها أن تؤهل للدور التاريخى الذى قدر لها أن تقوم به على مر التاريخ وتتابع الأزمان، فمصر شاهدت عبر تاريخها كما من الأزمات والمشاكل والملمات، والحروب والنضالات ما لم يشاهده غيرها، وكان هذا مصدرا للقوة والصمود والتصدى للغاصب الخارجى وإسقاطا للمستبد والانتهازى الداخلى، فمصر استوعبت ثلاث هجرات جماعية صهرتها فى هويتها المصرية وردت أكثر من خمسين غزوة حربية على أعقابهم خاسرين، مصر هى من حمى الحضارة الإسلامية من هجمات التتار والمغول، ولذا فتكريم الأديان السماوية لها «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين» «مبارك شعبى مصر»، يؤكد الثقة ويقوى العزم بانتصار مصر على مشاكلها مهما تأزمت الأمور وهنا بلاشك حدث ويحدث بسواعد شعبها وقدرتهم على الصمود ومواصلة النضال واليوم وغدا يوما نداء مصر لكل أبنائها للخروج للتصويت فى الاستفتاء على مشروع الدستور، وهما سيكونان يومين تاريخيين سيسجلان فى أنصع صفحات التاريخ المصرى، حيث إن الموافقة على هذا الدستور هى بداية للسير فى الطريق الصحيح لإعادة بناء مصر الجديدة بعد هبة الشعب المصرى فى يناير 2011 والتى لم تتحقق إلى ثورة، وبعد هبة يونيو 2013 لاستعادة يناير التى اختطفت بليل ممن كانوا يريدون مصر الوطن والدولة والشعب والهوية فى أحضان تنظيمهم، الموافقة على هذا الدستور هى البداية لبناء الشرعية الدستورية بعد انتخابات الرئاسة والبرلمان وعن طريق الصندوق الذى يتشدقون به كغطاء لديمقراطية لا يعترفون بها بل يعتبرونها كفرا بواحا، ولكنها التقيةوضروراتهم التى يبيحون بها كل المحظورات، خروج الشعب اليوم وغدا هو تأكيد لإرادة الشعب التى أعلنها أيام 30/6، 3/7 ،26/7، تلك الإدارة التى أثبتت أن الشعب المؤمن المسلم المتدين يستطيع بإيمانه الصحيح أن يفصل بين الدين وبين من يريد المتاجرة به، خروج الشعب يؤكد أن إرادته قد أصبحت ملك يمينه ولا يستطيع أحد أيا كان أن يقهره أو يكسر إرادته مرة أخرى، خروج الشعب وموافقته على الدستور هو بداية الاستقرار الذى سيأتى بالأمن والأمان الذى سيسرع بدوران عجلة الإنتاج وتحقيق الثورة الحقيقية على أرض الواقع، فالخروج للاستفتاء على الدستور لا يعنى الدستور بمواده التى عبرت فى مجملها عن توجهات وآمال وطموحات المصريين بهباتهم الرائعة، حيث قد أكد هذا الدستور مبدأ المساواة الكاملة بين المصريين، وحيث تأكيد مبدأ المواطنة التى لا تفرق بين مصرى وآخر وتحدد الحقوق والواجبات حتى يتشارك الجميع فى إدارة الوطن وفى اتخاذ القرار، أكدت مواد الدستور على حق الاعتقاد وممارسة العقيدة وتجريم التمييز بين مواطن وآخر، وأزاحت صفة الفرعون عن الرئيس الذى أصبح مواطنا بدرجة رئيس يخضع لإرادة الشعب ولم يصبح فوق القانون، فالخروج ليس على هذه المواد وغيرها، فقط، ولكن لتأكيد وتوثيق إرادة الشعب الذى أسقط نظامين فى أقل من ثلاث سنوات حتى يعلم من يريد إعادة الزمن وإرجاع الساعة إلى الوراء أن هذا محض خيال وأضغاث أحلام، فالشعب وإرادته هما مصدر كل السلطات، ولذا يصبح من الطبيعى لمن يريد المشاركة السياسية وهذا حق لكل مصرى يعيش على أرضها، أن يعلم أن المشاركة تعنى التمصر والانتماء للوطن، والاعتراف بالهوية المصرية التى تتوجها الهوية الإسلامية مع المصادر التاريخية التى صنعت مجمل الهوية المصرية والتى تم تأكيدها بمواد الدستور، المشاركة تعنى الإيمان بالله وبالوطن والعمل لمصلحته ورفعته وليس لجهات أخرى لا تريد لمصر الخير، من يرد المشاركة فى إدارة الوطن يعمل على حمايته ويساهم فى تقدمه ولا يسعى لهدمه وتخريبه، أيها الشعب العظيم دائماً اخرج وشارك ووافق على الدستور، حتى يكون لك شرف المشاركة فى بناء مصر الجديدة، مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة