من مفارقات القدر أن تقام احتفالية ضخمة فى دار الأوبرا المصرية بالمسرح الكبير لتأبين وتكريم الراحل أحمد فؤاد نجم "الشاعر الشعبى" .
حقًا فهذه المفارقة من وجهة نظرى المتواضعة بمثابة بارقة أمل فى مستقبل جديد لمصر، حيث أن تكريم الرموز الوطنية التى لم تحظ به طوال حياتها فى ظل نظام لا يعتد ولا يحتفى بالعظماء يعد بداية مبشرة للتغيير نحو الأفضل، وهذا كل ما نرجوه لمصر.
أما من ناحية الاحتفالية "فقد كانت من أروع ما يمكن أن يكون، فلم تكن على شاكلة احتفاليات التأبين المعتادة، لكنها كانت فى شكل ملحمة شعبية متناغمة فى حب مصر التى كم أحبها نجم وقضى حياته ينظم الأشعار فى حبها.
تحولت خشبة المسرح الكبير بدار الأوبرا إلى جزء لا يتجزأ عن بهو المسرح بما يكتظ به من محبين، فأصبح الاثنان كتلة واحدة من التفاعل والمشاركة الجميلة، فلم أرى فى حياتى مثل هذا الكم الكبير من التفاعل بين الخشبة والصالة، كما لو كان عرضًا واحدًا متكاملاً يشترك فيه الحضور.
عندما بدأت فرقة اسكندريلا بغناء "شيد قصورك" تحول المسرح الكبير بدار الأوبرا كله من خشبة وصالة إلى عرض ملحمى غنائى ثورى فى حب مصر وحب نجم الذى كان غائبًا حاضرًا طوال الحفل.
وجدير بالذكر هذا الجهد المحترم الذى أخرج هذه الليلة بهذا الشكل المختلف من إخراج للعرض قدمه الفنان أحمد عبد العزيز، وديكور الفنان أيمن أنور والمشاركات التى قدمها عدد من الفنانين والشعراء على الحجار، وآثار الحكيم، ومحمود حميدة، وفتحى عبد الوهاب، ومحمد هاشم، وفرقة إسكندريلا، ومريم صالح، ومحمد محسن، وفتوح أحمد، وشريف حلمى، وجيداء بلبع، ودنيا محمد هاشم، وزينب أحمد فؤاد نجم، وفرقة الأولة بلدى، والشاعر الكبير جمال بخيت، هؤلاء الفنانون الذين شاركوا بوقتهم وجهدهم دون أى مقابل، فقط للتعبير عن تقديرهم واحتفائهم بالراحل المبدع، ما ساعد على استحضار روح نجم بين الحضور بصوره المجسمة التى كانت تطل على المسرح بإضاءات مختلفة فى توقيتات مناسبة، وبكلماته المؤثرة التى أطلت علينا من تلك الشاشة المستديرة أعلى المسرح وكأنه يطل علينا من السماء، ما جعل هناك روحًا خاصة وحالة غير تقليدية أدت إلى هذا التفاعل والتناغم الجميل.
أخيرًا أود أن أوجه لومًا لبعض الحضور الذين أجهل هوياتهم إلا قليلاً منهم الذين تطاولوا على خصوصية المناسبة واحترامها، وانتهزوا فرصة الحالة الثورية المصرية التى جعلت من كل صغير وكبير فى المكان يغنى بأعلى صوتٍ لديه ويصفق ويقف من مكانه تفاعلاً مع كلمات نجمن واندفعوا فى الهتاف بسقوط حكم العسكر بشكل غير لائق بالمناسبة على الإطلاق، فما كان من الحضور سوى الاستياء والمشادات بينهم بعضهم البعض، من كانوا مستمتعين مستغرقين فى حالة خاصة، ومن خرجوا عن السياق وحاولوا إفساد الموقف لكن دون جدوى، وبطبيعة الحال تحول لوهلة المكان لنموذج معتاد من نماذج الخلاف السياسى بين المصريين ولكن بطبيعة الحال أيضًا كانت نسبة من خرج عن السياق وهتف ضد الجيش لا تذكر بالنسبة لمن رفضوا هذا الهتاف واستنكروه.
كما أوجه لومًا خاصًا للأستاذ خالد على الذى استغل حماس بعض الشباب الموجودين وهتف معهم بهتافات على هواه الشخصى بما لا يليق أن يصدر عنه كشخصية عامة فى مثل هذه المناسبة الخاصة العامة فى نفس الوقت.
على أية حال كانت هذه الواقعة السابق ذكرها مجرد زوبعة فى فنجان، فلم تحدث تأثيرًا سلبيًا ولم تقو على إفساد هذه الملحمة الشعبية المصرية الخالصة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة