يتردد الآن الحديث عن تخصيص كوتة للأقباط فى الدستور الجارى تعديله كنوع مما يسمى بالتميز الإيجابى للأقباط، فهل هذه الكوتة هى طريق الحل لمشاكل الأقباط؟ نعم هناك نوع من التمييز ضد الأقباط لعوامل سياسية واجتماعية وثقافية عبر عقود التاريخ، نعم هناك صعوبة فى أن يمثل الأقباط فى المجالس التشريعية، نعم هناك حاجز نفسى وتاريخى فى أن يتواجد أقباط فى مواقع بذاتها، مثل موقع رئيس جامعة أو أن يتواجدوا فى مواقع مثل المخابرات العامة أو الأمن الوطنى، ولكن فى ذات الوقت هناك فى الواقع غير المنكور فئات وطوائف تعانى من نفس مشاكل التمييز، وإن اختلفت الدرجة وتنوعت الأسباب ولكن التمييز واحد، ذلك مثل أهل النوبة والبدو فى سيناء وغيرهم، وإذا تحدثنا عن دور التاريخ فى هذا الإطار نستطيع أن نقول إن بذور التمييز بدأت وتجذرت نتيجة لأن هذه الأقليات العددية لها ثقافتها وعاداتها وتقاليدها الخاصة التى مازالت تمارسها بصورة أو بأخرى بعيدا عن الثقافة المصرية العامة الجامعة، أى أن هذه الثقافة الخاصة قد أوجدت نوعا من العزلة والتمايز الذاتى حتى وإن كان على المستوى النفسى أكثر منه على المستوى الواقعى، والشىء الذى جعل الأقباط يهاجرون إلى الكنيسة ويستحسنون هذه الهجرة حتى أنهم قد اعتبروها بديلاً للدولة مما جعل الكنيسة تستحق القيام بدور سياسى بديلاً عن الأقباط، وكأنها الممثل السياسى لهم، الشىء الذى استمرأته الدولة ومازالت، ولذلك نجد الأقباط يمارسون السياسة ترشحاً وتصويتاً على أرضية طائفية، طالبين أصوات الأقباط ومساعدة الكنيسة التى لها دور فى هذا مباشر أو غير مباشر، فهل الحل هو هذه الكوتة؟ وكيف توزع هذه الكوتة بين الطوائف المسيحية الثلاثة والتى بينها صراع عقائدى تاريخى غير منكور؟ وهل سينتخب هذه الكوتة الأقباط فقط فى دوائر مسيحية مغلقة أم جميع المصريين فى دوائر مفتوحة للجميع؟ وإذا كانت قوائم كيف نجبر المسلم المتشدد أن ينتخب قائمة بها قبطى لا يريده، وما هى ردود الأفعال الطائفية، خاصة فى الظرف السياسى الاستثنائى الذى تعيشه البلاد الآن؟ وهل بهذه الكوتة نكون قد دسترنا دوراً سياسياً للكنيسة ولو بطريق غير مباشر، وبذلك تصبح الكنيسة أكثر سيطرة على الأقباط روحياً وسياسياً، خاصة بعد المادة الثالثة الطائفية فى الدستور؟ وعلى هذا الأساس يجب أن تكون هناك كوتة للنوبيين والبدو، ولا مانع للصعايدة أصحاب العادات والتقاليد الخاصة، وبهذا نكون قد قمنا بالتطوع بتطبيق ذلك المخطط الصهيونى الأمريكى المعلن 1983، والهادف إلى إعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية، فهل يكون هناك تقسيم وتفتيت وشرذمة لمصر الوطن الواحد أكثر من ذلك؟ هل نعرف أن هذه الكوتة قد تم رفضها فى دستور 1923 كموقف وطنى من الأقباط حينذاك، حيث إن المشاركة السياسية الوطنية بعيدة عن الطائفية التى كانت سائدة مما جعل مكرم عبيد يفوز على أشراف قنا فى الانتخابات، الحل يا سادة فى دولة ديمقراطية مدنية حديثة تجعل حقوق المواطنة حقيقة واقعية، لا نصوص دستورية، مواطنة تمنع التمييز على أى أساس، مواطنة تضع المناسب فى المكان المناسب، مواطنة تفتح الباب لمشاركة سياسية بعيدا عن الكنيسة والمسجد من خلال أجندات سياسية، مشاركة تلتحم بالجماهير لحل مشاكلها وللتعبير عن آمالها حتى تكتسب ثقتها لا ثقة رجال الدين، الكوتة طريق الكسالى الذين لا يريدون دفع ثمن المشاركة بعمل إيجابى وطنى يزيل الحواجز ويسحق الطائفية، فلا تفتحوا الباب للشيطان، الكوتة تفرق لا تجمع ونحن أحوج ما يكون للتجمع والتجميع حتى تظل مصر لكل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة