محمد الدسوقى رشدى

أيوه.. اعتبروه دفاعاً عن قطر

الأحد، 22 سبتمبر 2013 09:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد إذن تعصبك وشعورك الوطنى الجارف، وبعد استئذان خلايا المزايدة المنتشرة فى فضائياتك وصحفك.. اسمح لى أنزل من سفينتك السائرة باتجاه الريح المحملة بأطنان من الشتائم والاتهامات لقطر شعبًا وسلطة، وأركب مُخيرًا لا مُسيرًا تلك السفينة السائرة عكس اتجاه الريح..

أنا يا عزيزى من هؤلاء الذين يكرهون «الشماعات» ويفهمون جيدًا أنه لا وظيفة لها سوى حماية الملابس من البهدلة، ولكنها لا تحمى بشرًا، ولا تحمل عنهم أوزارهم، فلا أنا فاروق جعفر، أو حلمى طولان، أو ممدوح عباس لكى أصرخ فى وجه الكاميرات كلما سحق الأهلى الزمالك بالأربعة أو الستة قائلاً: «الحكام همّا السبب».

ولا أنا من رموز القوى السياسية أو الائتلافات الثورية الذين كلما حدثهم أحد عن فشلهم فى اختراق جدران العلاقة مع الناس فى الشوارع، علّقوا فشلهم على شماعات الجهل والمال، وصرخوا قائلين: إن أبانا الذى فى المخابرات يقف لنا بالمرصاد، رغم أن نصف تصريحاتهم تسخر دومًا من الأداء الركيك للمخابرات وباقى أجهزة الدولة الأمنية.

واستنادًا إلى ما سبق لا تستهوينى أبدًا تلك السفن التى تسير فى اتجاه تحميل قطر وأميرها وحكومتها وشعبها وزر تعثر بغلة فى شوارع القاهرة، ولا أحب أمواج المزايدة التى تحمل هذه السفن وترتفع، لدرجة أن يخرج البعض ليكرر الجمل والعبارات المحفوظة عن قطر التى فى حجم شارع شبرا، أو قطر القزمة، أو الدوحة التى لا تملك تاريخًا ولا حضارة، فلا ذنب ارتكبه المواطن القطرى الطبيعى لكى يسمع كل هذه الشتائم تدور على الفضائيات المصرية 3 مرات قبل التتر وبعده.. ولا ذنب لمصر بمكانتها وتاريخها أن تدخل معركة «مصاطب» من هذا النوع، وتخسر قيمتها كشقيقة كبرى لمجرد أن السادة المسؤولين عن إدارة شؤونها فشلوا فى أن يدخلوا بها فى معركة تنمية حقيقية داخل مضمار سباق الاقتصاد العالمى..

قطر تبحث عن دور فى المنطقة، وربما تلعب لحساب أطراف أكبر منها حجمًا وتأثيرًا، وبعضٌ من تحركاتها السياسية يفسد الكثير من الأمور داخل مصر، ويشكّل خطورة على الوضع السياسى فى القاهرة، ومع ذلك تاريخ مصر لا يقبل أبدًا أن يكون الرد على كل هذه التحركات القطرية على طريقة ردح النساء فى الحوارى الضيقة.. ودعنى أذكرك أن ما تعتبره أنت من حركات قطرية خيانة وتدخلاً فى شؤون الآخرين يستدعى إعادة تصدير كل ما ورد بالقاموس الشعبى المصرى من شتائم لصدور القطريين، تعتبره أنت أيضًا بطولة وأمورًا تدعو للفخر حينما تفعلها مصر مع دول أخرى، فأنت مع رموز الحياة السياسية المصرية تعتبرون أن دفع الأموال للإيقاع بين القبائل الإثيوبية خطة ماكرة لحماية ماء النيل، وتعتبر زيادة النشاط المخابراتى داخل أرض أديس أبابا عملًا وطنيًا يستدعى مسلسلاً لتمجيده مثلما حدث مع رأفت الهجان.

أنا لا أدافع عن قطر، ولا تعنينى الدوحة وحكامها فى شىء، وهذه السطور ليست محل مناقشة كوارثهم السياسية وأطماعهم الإقليمية – المشروعة سياسيًا بالمناسبة - أنا هنا أحدثك عن دلالات المعركة التى يخوضها جيش إعلامى وسياسى مصرى ضد كل ما هو قطرى، والتى تكشف أن أهل الكذب والمزايدة فى الإعلام أكثر من «الهم على القلب»، وتؤكد لك أن نصف رجال السياسة فى مصر يسعون نحو البطولات المزيفة، والمعارك الوهمية حتى لو كان ذلك على حساب الحق والمنطق والعقل.
قبل أن تقرر المشاركة فى معركة، أى معركة، العقل يفرض عليك أن تذاكر جيدًا، وأن تعرف كيف يتحرك الخصم حتى تفلح فى الرد عليه، فلا يعقل أن تتحرك قطر التى تراها أنت دويلة صغيرة بكل هذا العقل والتفكير الإستراتيجى لتحصل على حق تنظيم كأس العالم، وتصبح اسمًا منطوقًا فى وسائل الإعلام والأوساط السياسية العالمية كلما ورد نقاشًا حول الأزمات فى الشرق الأوسط، ولا نرد نحن فى مصر سوى بركوب موجة المزايدة والسخرية والنكت والاستهزاء، وبكثير من العنصرية والغطرسة التى لا سند ولا محل لها من الإعراب، كأننا لا نرى واقع مصر وحالها، وكأننا كأهل تل أبيب نؤمن بأن الله اختارنا واصطفانا ولم يخلق على أرضه سوى مصر وأهل مصر..

لا يعقل أن نتفنن جميعًا فى البحث عن الشتائم المناسبة لقطر وقناة الجزيرة، قبل أن يلوم كل واحد منّا أخاه الواقف بجواره ويسأله: لماذا لم تمتلك مصر بجلالة قدرها فضائية بهذا الحجم، أو وسيلة إعلام قادرة على إحداث هذا التأثير؟.. لا يعقل أن يظل بالك مشغولاً بالجزيرة ومؤامراتها وأكاذيبها بينما لم تصرخ ولم تخبط دماغك فى الحيط وأنت ترى أن ما ولدته الفضائيات المصرية الخاصة والرسمية بعد كل هذا التمخض كان مجرد وضع شعار «مصر تحارب الإرهاب» باللغة الإنجليزية أعلى يمين الشاشات.

دع قطر وغير قطر يخططون، لأن الدول الباحثة عن مكان على خرائط العالم الجديدة لن تكف عن التخطيط أو التفكير بسبب الشتائم أو النكات الساخرة، وتحرك أنت لتخطط لا لتسخر أو تشتم.. تحرك أنت لاستعادة مكانتك حتى تكون قادرًا على مواجهة أى مؤامرة أو مخطط شرير تجاه مصر، حتى لو كان مخططًا وضعه إبليس وهو فى بطن أمه، وليس قطر التى مازالت تبحث لها عن موضع قدم راسخ فوق خريطة المنطقة.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة