صعب على واحد مثلى اعتاد أن يهاجم الجهاز الشرطى وسلبياته أن يكتب إشادة فى هذا الجهاز الذى كانت سلبياته أحد أكبر الدوافع لقيام ثورة 25 يناير التى أفتخر بها، كما يفتخر كل مواطن مصرى شريف.. لكن لأن الحقائق تفرض نفسها، ولأن الغاية العليا من انتقاد هذا الجهاز هى السعى نحو دولة سيادة القانون، وتغليب المصالح العامة على المصالح الخاصة، أرى أنه من الواجب أن أشيد بأداء جهاز الشرطة فى «حرب كرداسة» التى خاضتها الداخلية برقى واحترافية نادرين، ما يؤكد أن عقيدة جهاز الشرطة قد تغيرت، وأن روح التغيير التى مستها أثرت فيها بشكل كبير، وأنها أصبحت جهازًا وطنيًا حقيقيًا، لا عصابة مسلحة كما كانت قديمًا.
ما يدفعنى إلى الإشادة بأداء رجال الشرطة فى هذه الموقعة هو أننى تخيلت أن هذه المعركة تحديدًا ستشهد المزيد من الدماء، والمزيد من القتلى من جانب الإرهابيين، فمن ناحية لا يختلف اثنان على أن إرهابيى كرداسة كانوا من أكثر المجموعات الإرهابية المؤيدة لمرسى تسليحًا وتدريبًا، ويشهد على هذا كمية السلاح التى كانوا يحملونها أثناء اقتحامهم قسم كرداسة، وقتلهم 11 شرطيا بوحشية نادرة وبشاعة مقززة. ومن ناحية أخرى فإننى لم أكن أستبعد أن تسود روح انتقامية من جانب بعض رجال الشرطة تجاه هؤلاء الإرهابيين، وذلك لأن المشاهد المصورة التى أذيعت أثناء اقتحام قسم كرداسة استعدت الشعب المصرى كله على هؤلاء الإرهابيين، وهو الأمر الذى كان من شأنه أن يفقد الضباط والجنود سيطرتهم على أنفسهم.. ولتتخيل أنك ضابط شرطة انفعلت وبكيت على زملائك من شهداء مذبحة القسم، ثم وجدت نفسك أمام المتهم «أشرف شاكر» الذى أطلق قاذفة الـ«آر بى جى» على قسم الشرطة، و«أحمد عويس» الذى ذبح مأمور القسم ومثّل بجثته، فهل كان سيلومك أحد إن فتكت بهما فى ظل تسلحهما وإجرامهما؟ وهل كنت لتسمح أن يُعامل هؤلاء المجرمون معاملة إنسانية وأنت تعرف تمام المعرفة أنهما متجردان من كل المشاعر الإنسانية؟ لكن هذا ما حدث، ولم ينتقم أحد الضباط أو الجنود من هؤلاء القتلة، وتمالكوا أنفسهم، وسيطروا على مشاعرهم لتعيش الشرطة المصرية أمس يومًا من أنصع أيامها فى تاريخ مصر.
فى هذا اليوم أيضًا لم يضاهِ تفانى الشرطة فى عملها إلا تفانى الصحفيين الذين بذلوا كل ما فى وسعهم لكى ينقلوا الحدث للرأى العام بكل أمانة وثقة وفداء، ولتنظر إلى صورة المصورين الذين عاشوا ساعات تحت ضرب النار ليخوضوا معركة أخرى لا تقل أهمية عن معركة تطهير مصر من البؤر الإرهابية، هى معركة حق المواطن فى معرفة الحقيقة.. وإننى أهدى صورة المصورين الصحفيين الذين غطوا الحدث تحت ضرب النار إلى كل من يتشكك فى الإعلام المصرى وموضوعيته التى يبذل فيها الصحفيون أرواحهم فداءً لها، ولكى تصبح الصورة أجمل، ولكى تكتمل الفرحة بعودة مؤسسات الدولة إلى رشدها ووعيها ودورها المنشود، فإننى أطالب المجلس الأعلى للصحافة بسرعة تحويل ميثاق الشرف الصحفى إلى قانون ملزم، كما أطالب وزارة الداخلية بتنقية ثوبها بتقديم كل من تورط فى قتل أو تعذيب أو إساءة لاستخدام السلطة للعدالة، وأقرب مثال على ذلك ما حدث فى موقعة «أبوزعبل» التى راح ضحيتها 36 بريئًا جراء غباء أحد الضباط.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
صـفـوت الـكـاشف☆
////// يعنى أيه كلمة وطن ؟ //////