الشرعية فى الدول الديمقراطية هى الحفاظ على مؤسسات الدولة، أما عند الإخوان فهى الهدم والتفكيك وتصفية الحسابات، ولم نسمع عن أحزاب تتولى الحكم فى الدول المتقدمة، فتبادر بإعلان الحرب ضد القضاء تحت شعار زائف هو "التطهير"، وتحاصر المحاكم وتختار أعضاءها لتولى المناصب القضائية العليا، وتحرض قيادييها ابتداء من رئيس الدولة، للسخرية من القضاء والهجوم على القضاة، وحدث نفس الشىء مع السلطة التنفيذية باختيار الوزراء والمحافظين وكبار الموظفين من أعضاء جماعة الإخوان، وإقصاء الكفاءات والخبرات لصالح الأهل والعشيرة والمؤيدين والأنصار، وكأنها غنائم حرب يجرى توزيعها على المنتصرين فى غزوة الشرعية، التى داس عليها مرسى والإخوان بالأحذية، ولا يحق لهم أن يتمسكوا بها، لأنهم هم الذين هدموها وأهدروا قواعدها.
الشرعية ليست استبدال مصر المدنية بدولة إخوانية، وعاش المصريون عاماً كئيباً وحزيناً ومحبطاً، عندما تأكدوا أن الإخوان الذين جاءوا إلى الحكم بالصندوق، لن يسمحوا بحق التداول السلمى للسلطة بالصندوق أو بغيره، وانقلبوا على الشرعية بتفصيل دستور "نص الليل" الذى يضمن احتكارهم للحكم إلى الأبد، وتفصيل القوانين على مقاس مصالحهم وجماعتهم، وأخونة الإدارة المحلية والعمد والمشايخ وأئمة المساجد، بما يمكنهم من احتكار كل الطرق التى تؤدى الى الصندوق وقطعها عن معارضيهم ومنافسيهم، وتولد لدى المصريين - من غير الإسلاميين - إحساس بالخطر الداهم على مستقبل بلادهم وأن مصر ضاعت للأبد، وزادت قناعتهم بعناد مرسى وجماعته واستخدام سياسة الوعود الكاذبة والخطب المضللة.
عن أى شرعية يتحدث الإخوان والرئيس المعزول هو الذى كون جيشاً من الإرهابيين والقاعدة والجماعات الجهادية فى سيناء، وأطلق سراح القتلة والإرهابيين من السجون، لقتل ضباط وجنود جيش بلاده والشرطة الوطنية، وفرط فى الثأر لدماء شهداء رفع وتعهد بالحفاظ على أرواح الخاطفين، وغل يد القوات المسلحة عن استكمال العملية نسر لتطهير سيناء، وكان راعيا لتنظيمه السرى فى حماس أكثر من مصلحة بلده وشعبه، وبمثل هذه الأفعال والتصرفات أهدر شرعية حكمه وأصبح رئيساً غير أمين على بلاده، واستعان بالميليشيات والعصابات لقتل شعبه وتدمير منشآت بلاده، ولم يصن الأمن القومى المصرى، وأثبتت الأحداث الإرهابية الأخيرة فى سيناء أن شرعية مصر الوطن تختلف عن شرعية مرسى، وأن جماعته فى رابعة ترهن وقف العمليات الإرهابية فى سيناء، بعودة الرئيس المعزول وشرعيته الكاذبة.
الشرعية هى أن يحافظ الرئيس على وحدة الشعب الذى انتخبه، وأن يكون رئيساً لمعارضيه قبل أهله وعشيرته، ومرسى لم يفعل ذلك وسيذكر التاريخ أنه أول حاكم فى تاريخ مصر يفرق شمل المصريين، ويزج بقتلاهم الكفار فى النار وقتلاه المؤمنين فى جنة، وجعل المصرى يرفع السلاح فى وجه أخيه المصرى ويعذبه ويقتله ويصلبه، ويجر البلاد إلى أتون حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس، ليعيش وهو وجماعته وينعم بالسلطة والقصر والمواكب والرحلات الخارجية، وليس مهما عند الإخوان أن يقتل المصريين بعضهم فى الشوارع، والأهم أن يعود مرسى إلى القصر حتى لو كان ذلك فوق الجثث والدماء والخراب، وأن يستمر رئيسا بوهم الشرعية التى إخترقها وهدم أركانها.
الشرعية عند مرسى والإخوان ليست هى الشرعية التى تحتكم اليها الشعوب المتحضرة والدول الديمقراطية، التى تحافظ على بلدها ومؤسساتها وشعبها، ولا تلجأ إلى إقصاء الأغلبية وتستحوذ على الدولة ومفاصلها وأركانها، وما حدث فى مصر تحت حكم الإخوان لا يحدث حتى فى جمهوريات الموز، أو البلاد التى تسير على قاعدة "اللى يصحى بدرى ياخد الحكم".. الشرعية عندهم تحولت إلى صنم يعبدوه فيغيب عقول الحشود المرابطة فى رابعة العدوية، فيظنون أن محمداً، صلى الله عليه وسلم، يصلى وراء مرسى، وأن الوقوف برابعة أفضل من الوقوف بعرفات، أن لهم حقاً سلبه الانقلابيون ويستوجب الجهاد والقتل وسفك الدماء وتحرير مصر من الروابض والملحدين والعلمانيين والأنجاس والكفار، وهذا ما فعلته الشرعية الملعونة فى البلاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة