الروائى السودانى عبد العزيز بركة ساكن: حلايب وشلاتين قنبلة موقوتة فى يد البشير للضغط على مصر لصالح مرسى..وقريبًا سيسقط الإسلاميون فى السودان سقوطًا شنيعًا وعلاقة مصر والسودان لن تفسد بالأهواء السياسية

السبت، 03 أغسطس 2013 08:43 م
الروائى السودانى عبد العزيز بركة ساكن: حلايب وشلاتين قنبلة موقوتة فى يد البشير للضغط على مصر لصالح مرسى..وقريبًا سيسقط الإسلاميون فى السودان سقوطًا شنيعًا وعلاقة مصر والسودان لن تفسد بالأهواء السياسية الروائى السودانى عبد العزيز بركة ساكن
حاوره ياسر أبو جامع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أن صودرت مجموعته القصصية الأولى "على هامش الأرصفة"، الصادرة عن نفس الجهة التى صادرتها، وهى وزارة الثقافة السودانية، فى 2005، لقب بالزبون الدائم للرقيب، وأصبحت رواياته تصادر بمجرد طباعتها، واتهمته السلطات السودانية "الإخوانية" بأن كتاباته بها ما يخدش الحياء العام، لأنه يتحدث عن العاهرات والمثليين، حتى انتهى به المطاف بالنفى خارج بلاده، ومصادرة كتاباته فى السودان، ليختار بعد ذلك أن يعيش فى مدينة سالفلدن النمساوية، إنه الروائى السودانى عبد العزيز بركة ساكن، الإنسان الذى يتألم لأوجاع المضطهدين والفقراء، وتنضح كتاباته بالكثير من الوجع.

بعد سقوط الإخوان.. برأيك هل ترى أن مصر تخطو باتجاه الحرب الأهلية؟لا أظن أن الأمر سيتطور لحرب أهلية، فمصر ليست كالسودان، فلا يوجد بها قبائل وتكوينات أثنية ذات ثقافات ولغات وديانات تخصها، يُوجد النوبة فى الجنوب وفى كل أنحاء مصر على الرغم من أن لديهم ما يميزهم كشعب إلا أنهم "النوبة" فى تناغم تام مع بقية الشعب المصرى وليس هنالك تمييز اجتماعى وسياسى وثقافى ضدهم من قبل الدولة، ولم تقد الدولة حرب إبادة جماعية أو ترتكب جرائم حرب فى حقهم كما يحدث للنوبة وغيرهم من القبائل الزنجية فى السودان، من الناحية الأخرى، وجود الأقباط فى مصر يمثل تنوعًا دينيًا جميلاً،كما يوجد التسامح والاحترام المشترك ما بين المسلمين والمسيحيين منذ آلاف السنوات، وما يحدث الآن هو أن فصيلاً إسلاميًا واحدًا وهو الإخوان المسلمين فى مواجهة مع بقية فئات الشعب من مسيحيين ومسلمين كمكونين دينيين ومثقفين وعلمانيين وفنانين ولبراليين كمكونات مجتمع مدنى، وإذا اشتعلت حرب فلا تسمى حربًا أهلية ولكن أقرب إلى حرب الجماعات الإسلامية المتطرفة ضد الدولة المصرية كما حدث فى السابق، ولا أستبعد ذلك ولكن بصورة محدودة، فمن طبيعة الإخوان أنهم ميالون للعنف السياسى، والسودان نموذجًا طيبا لذلك، فعمر البشير قبل أسبوعين اعترف بأن أيديهم ملوثة بدماء الأبرياء، وهنا يشير إلى الملايين الذين قتلهم الإخوان فى جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق، والآلاف الذين قتلهم هو بنفسه عندما كان ضابطًا بالجيش فى جنوب السودان، ولكن لا أظن أن الإخوان المسلمين فى مصر سوف يتبعون النموذج السودانى، أولا لصعوبة محاربة الدولة فى أرض مكوشفة مثل مصر ومساحة محدودة مع وجود دولة ذات قوة عسكرية وأمنية ضاربة كالحكومة المصرية، ووجود النسيج الاجتماعى المترابط، ثانيا أنهم لا يحتاجون لذلك إذا اعتبروا أن ما حدث للرئيس المعزول "مرسي" هو مجرد تصحيح مسار لأخطاء ارتكبها فى محاولته للسير فى خطى دولة الإخوان السودانية "أخونة الدولة" بكل مؤسساتها، ويمكنهم أن يخوضوا الانتخابات القادمة بكل حرية فإذا تمكنوا من السلطة، سيحكمون بالعدل فى ظل دولة القانون التى تحترم حقوق الجميع وخاصة النساء والمسيحيين والعلمانيين.

وبرأيك ما هو الدور المنوط بالمثقفين لإعادة العلاقات بين مصر والسودان؟
العلاقات الشعبية بين مصر والسودان لا تحتاج لشخص ولا جماعة ولا حكومة لصونها، فهى تصون نفسها بنفسها، فهى عريقة عراقة النيل، ولا يمكن تخريبها بواسطة السياسيين. ولكن تظل مشكلة حلايب وشلاتين مثل قنبلتين موقوتتين، ما لم يتم استدراكهما اليوم ستنفجران فى يوم ما قريب وخاصة إذا لم تنحل أزمة مرسى سيحاول نظام الإخوان المسلمين فى السودان استثمار هاتين القضيتين.

وهل تعتقد أن الأزمة بين مصر والسودان ستنقضى بعد قيام ثورة على الإسلام السياسى وسقوط الإخوان؟ وأين يكمن حل الأزمة؟
سقوط الإخوان فى مصر هو سقوط للإسلام السياسى فى العالم كله، وكانت مصر فرصة سانحة للإسلام السياسى لكى يثبت للعالم أن باستطاعته إدارة دولة حديثة عصرية معقدة، ولكن "الإخوان المسلمين" فى مصر لم يحاولوا النظر بصورة نقدية لدولة السودان الفاشلة، بل مضوا حثيثا فى أثرها: الاعتداء على الحريات الشخصية، إثارة النعرات الدينية والأسوأ هو "أخونة مؤسسات الدولة". فحل الأزمة يتم بوجود دولتين ديمقراطيتين علمانيتين فى البلدين الشقيقين مصر والسودان.

وهل من الممكن أن يشهد السودان ثورة على الإسلاميين بعد إسقاطهم فى مصر؟
طبعا سيسقطون سقوطًا شنيعًا ونهائيًا، ولا أشك فى ذلك، إنها سلطة كما وصفوا أنفسهم بأنفسهم: "أيادينا ملوثة بدماء الأبرياء من أبناء الشعب". ويجب ألا يتعجل الناس الثورة، فالثورة ليست هى انتفاضة ولا انقلاب عسكرى ولا تغير حاكم بحاكم آخر، ولا تأتى عن طريق المُحاكاة، لأنها حدثت فى تونس يجب أن تحدث فى مصر والسودان، فالثورة هى تغيير جذرى عميق يشمل كل مناحى الحياة، وهذا يحتاج لوقت طويل، ولكنه سيحدث.

تحتشد روايتك بتفاصيل الأحداث وشخوصها وتعدد سجلاتها اللغوية والثقافية وتحتفى بالآخر المختلف وبالأقليات العرقية واللغوية والدينية وتمثيلاتهم الثقافية. فهل هذا ينم على انتماءاتك للإنسانية دون حدود جغرافية؟


نعم، فالسودان دولة كبيرة المساحة، وهى تحتوى على كمية كبيرة من الإثنيات ذات الخلفيات الثقافية المختلفة، فيوجد بالسودان الآن 114 لغة حية، وكثير من الممارسات والمعتقدات الدينية، وهذا التنوع إذا أُستثمر إيجابيًا فإنه يثمل مفتاحًا للوحدة والتقدم للأمام، ولكن فشلت كل الحكومات السودانية المتعاقبة على النظر إليه كمدخل تنموى إيجابى، بل عملوا على زرع الفتن بين فئات المجتمع القبلية والعرقية، وقاموا بتسليح القبائل التى تنتمى للأصول العربية، وأتوا بجماعة الجنجويد من بعض الدول الأفريقية المجاورة كمرتزقة مقابل أرض القبائل التى يقضون عليها، وكان لذلك أثره الكبير فى تنفيذ برامج الإبادة الجماعية الذى تتبناه جماعة الإخوان المسلمين فى السودان، ومن خلال رواياتى أحب أن أشير إلى ذلك الجانب الإيجابى فى التنوع.

معظم النقاد يضمون كتاباتك لـ"الواقعية السحرية" فهل ترى الآلام التى تكتبها فى مسيح دارفور، والجنقو، ورماد الماء بيئات سحرية، أم هى كتابة واقع المجتمع السودانى، دون سحر أو غرابة؟
فى الحقيقة إن الحياة فى السودان سحرية، أى أن الواقع اليومى هو واقع سحرى حتى السياسى منه، فمثلاً عندما يعلن وزير الزراعة أن حل إشكاليات الزراعة فى السودان بالصلاة، وبالأمس أعلن أحد الوزراء أن على السودانيين تقوية ايمانهم لتجاوز الفقر والأزمة الاقتصادية، بينما تتسوق زوجة الرئيس بملايين الدولارات ويصيف أبناء هؤلاء الوزراء فى أبهى المصايف العالمية، وتتبرع السفارة السودانية فى القاهرة للإخوان المسلمين بملايين الدولارات بينما الشعوب السودانية تموت من الجوع.

تعرضت معظم أعمالك للمصادرة داخل الوطن الذى تدافع عنه وعن إنسانيته فى تلك الأعمال.. تحت دعوى أن بها مشاهد جنسية تخدش الحياء.. ما ردك على ذلك؟


إن القول بأن رواياتى بها مشاهد جنسية تخدش الحياء العام، هو ادعاء باطل لا أكثر، وهى محاولة للإقصاء، فالقائمين على السلطة فى السودان يرون فى كتابتى ما يسيء لمشروعاتهم الأيدلوجية ويخترق خطاباتهم المستقرة، بالطبع لا اقصد ذلك، كل ما أفعله هو إننى أنحاز لمشروعى الإنسانى أى اكتب عن طبقتى أحلامها آلامها طموحاتها المذبوحة وسكينتها أيضًا التى تذبح هى بها الآخر، وحتى لا يلتبس الأمر مرة أخرى، اقصد بطبقتى المنسيين فى المكان والزمان، الفقراء المرضى الشحاذين، المجانين، العسكر المساقين إلى مذابح المعارك للدفاع عن سلطة لا يعرفون عنها خيرا، المتشردين، أولاد وبنات الحرام، الجنقو العمال الموسميين، الكتاب الفقراء، الطلبة المشاكسين، الأنبياء الكذبة، وقس على ذلك من الخيرين والخيرات من أبناء وطنى، إذا أنا كاتب حسن النية وأخلاقى داعية للسلم والحرية، ولكنهم لا يقرأوننى إلا بعكس ذلك، ولا يمكن لسلطة تقتل أهلى فى دارفور، أن تحتفى بى فى الخروطوم.

وهل هذا هو ما وراك نفيك من بلادك؟ ولماذا اخترت منفى أوروبيا ولم تختر دولة عربية؟
نعم، والدول العربية، جميعا، تعانى من نفس أزمة السودان السياسية، وهى استفحال أمر المتطرفين الدينيين نتيجة لتفشى الجهل والأمية والفقر والإحباط الذى يعانى منه الشباب، الذين لا يرون فى الأدب والفن سوى نوع من الانحلال الأخلاقى وقتما قويت شوكتهم قضوا عليه، ولكن عندما يكونوا فى حالة ضعف فإنهم يمجدون الفنون جميعاً ويميلون للديمقراطية، فلا يمكننى أستجير من الرمضاء بالنار، ولذلك اخترت أن أعيش فى مدينة سالفلدن، بالنمسا.

هل هناك مشروع رواية جديدة أو كتاب جديد يعمل عليه "ساكن" الآن؟
أكتب رواية جديدة بعنوان "فاكهة الليل"، وهى تتحدث عن الصراع الثقافى والنفسى لدى المهاجرين العرب والأفارقة فى أوربا.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة