عكست سينما «الإرهاب والتطرف» التى أنتجت فى أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضى، صورة حقيقية لواقع مؤلم شهده المجتمع المصرى فى هذه المرحلة، حيث انتشرت فى الشوارع ثقافة الدم وحوادث العنف، والاغتيالات الفردية والجماعية برعاية بعض التيارات الإسلامية والتنظيمات الجهادية والتكفيرية فى تلك الفترة، وحاول المبدعون التصدى لهجمات الإرهاب وتحذير المجتمع من فكرهم التكفيرى الدموى المسموم، بأعمالهم السينمائية التى كشفت النقاب عما وراء الجلباب واللحية، وعلى رأسها أفلام «الإرهابى» بطولة عادل إمام، تأليف لينين الرملى، وإخراج نادر جلال، و«طيور الظلام» تأليف وحيد حامد وإخراج شريف عرفة، و«الناجون من النار» بطولة طارق لطفى وعمرو عبدالجليل وإخراج على عبدالخالق، و«الإرهاب» بطولة نادية الجندى، تأليف بشير الديك، إخراج نادر جلال، و«دم الغزال» تأليف وحيد حامد، وإخراج محمد ياسين.
وطرح صناع تلك الأعمال صورة لما كان يحدث فى الشارع المصرى من تخوين وتكفير وسفك دماء، واستنتاج ما يمكن حدوثه مستقبلا إذا تمكن هؤلاء المتأسلمون من الطفو على سطح الحياة السياسية، وهو ما حدث بالفعل عقب تولى جماعة الإخوان المسلمين حكم البلاد.
ورغم مرور العديد من الأعوام على هذه الأعمال، فإننا نجد تشابها كبيرا بين الواقع الذى شهدته مصر طوال الشهور والأسابيع الماضية والمشاهد السينمائية فى تلك الأفلام، حيث إن هناك مشاهد سينمائية بالأفلام تم تنفيذها كما هى على أيدى جماعة الإخوان وحلفائها المتطرفين أثناء اعتصامهم بميدانى «رابعة العدوية» و«النهضة» عقب قرار عزل محمد مرسى من السلطة، ويدلل على هذا المشهد الذى جمع بين محمود عبدالمغنى وعمرو واكد فى فيلم «دم الغزال» عندما أراد محمود عبدالمغنى الذى تحول لأمير جماعة - بعد أن كان يعمل طبالا - إقامة الحد على عمرو واكد، لكونه يعمل لصا، فيأمر أتباعه بإحضاره ويقومون بتوبيخه ويتهمونه بالزندقة والفسق والفجور لكونه يسب أميرهم، ويقومون بوضع ذراعه على «وشرة» خشبية ويمسك أميرهم بالسيف ويقوم بضربه فى صورة وحشية لتنقطع يده وتسيل الدماء على جلبابهم الأبيض، ولعل هذا المشهد مشابه تماما لما فعله المتأسلمون المعتصمون برابعة العدوية عندما قاموا بقطع يد وأصبع بعض الشباب بحجة أنهم لصوص.
وأيضا مشهد تكسير محلات «الذهب» التى يمتلكها الأقباط وسرقة محتوياتها وإلقاء المولوتوف وحرقها، فى بداية فيلم «الإرهابى» عندما قام «على» جسده النجم الكبير عادل إمام، الشاب المتطرف دينيا بتكسيرها، إيمانا منه بأنهم كفرة ولا يستحقون العيش مع المسلمين فى ربوع الوطن، وهو ما يتشابه مع أحداث تداعيات عزل المدعو محمد مرسى، وقيام المتطرفين والإرهابيين بإحراق الكنائس ومحلات ومتاجر الأقباط فى جميع المحافظات.
ومشاهد اغتيال المفكرين والمثقفين ورجال الشرطة وتكفير الأقباط بنفس الفيلم، كما سخر المشهد الأول فى فيلم «الناجون من النار» من تناقض ثقافة هذه الجماعات التى تسجد وتركع وتقتل وتحرق، حيث بدأ العمل بمشهد يتعبد فيه «عبدالسلام» جسده عمرو عبدالجليل، وسط حراسة مشددة من رجال الجماعات المتطرفة داخل مغارة يقطنون بها أعلى الجبل، ويناديه هاتف قائلا «الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى» فيرتعد ولا يستجيب للهاتف، ويقوم بقتل ابن شقيقه «عبدالله» يجسده طارق لطفى، ويصطدم مع شقيقه الضابط ليبدأ فى التخطيط للخلاص من رجال الشرطة بصورة تتشابه مع أحداث جمعة 16 أغسطس 2013.
كما رصد فيلم «الإرهاب» نماذج تعامل الإرهابيين مع المعارضين لهم من خلال ترتيبهم لتفجير طائرة تقل بعض رموز المجتمع فى نهاية الفيلم، وهو نفسه ما يحدث الآن من إلقاء القنابل تحت الكبارى لنسفها وفى محطات المترو لقتل وترويع البشر والمجتمع بأسره.
صناع مقاومة سينما «الإرهاب والتطرف» أكدوا لـ«اليوم السابع» أن المشهد السينمائى ألقى بظلاله على أرض الواقع بالفعل، حيث قال الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد إنه كان على ثقة من وقوع حالات قتل وأحداث عنف من قبل هذه التيارات فى الشارع المصرى، وبحكم دراسته لتاريخ هذه الجماعة يقول: «تبين لى أنها دموية الفكر والعقيدة وليست دعوية فى المنهج، تنصب نفسها حكما فى الأرض دون تطبيق شرع الله على نفسها».
وأرجع الكاتب أسباب تنبؤه بما يحدث من قبل هذه الجماعات، فى ثلاثيته الشهيرة «طيور الظلام» و«الإرهاب والكباب» و«دم الغزال» إلى قراءته الدقيقة فى أفكارهم والاطلاع على صفحات تاريخهم التى تضم الكثير من العمليات الإرهابية.
ويقول الكاتب والسيناريست الكبير بشير الديك، إن احتمالات العنف الجسدى من قبل هؤلاء الإرهابيين كانت مفتوحة ومتوقعة، لكونهم لم يقدموا أنفسهم للمجتمع على أنهم مصريون، وفشلوا وأخفقوا فى تحقيق توافق مجتمعى بينهم وبين الشعب المصرى، وفور سقوطها تبنت عمليات العنف والتخريب وكونت تحالفا استراتيجيا مع القاعدة والتكفيريين لحرق البلد، ويستكمل السيناريست قائلا: «هؤلاء لا يشغلهم الدين ولا تطبيق الشرع، وهدفهم يتمثل فى الاستحواذ على كرسى السلطة ولا يبتغون سوى المناصب»، مؤكدا أنهم شطبوا أنفسهم من التاريخ وأصبح لا يوجد شىء اسمه إسلام سياسى، بعدما خربوا المجتمع، وتوقع أن الشعب لن يسمح بإقامة الدولة المصرية على أساس دينى.
وأكد الديك أن أسباب وجود عنف فى الشارع المصرى يعود إلى تاريخ جماعة الإخوان المسلمين المعروف بالاغتيالات منذ عهد حسن البنا، والاتهامات التى لحقت بهم فى تفجيرات سينما مترو، وعمر أفندى وغيرها من الأحداث، ويضيف السيناريست: «تاريخ العنف بدأ يعيد نفسه منذ أن كانوا فى سدة الحكم حيث قاموا بضرب وسحل معارضيهم أمام قصر الاتحادية، ووقع شهداء، ثم محاصرة المحكمة الدستورية العليا، ومنع قضاتها من دخول مقرها لممارسة أعمالهم، ثم أسقطهم الشعب وبدأوا مرحلة حرق الوطن ومنشآته العامة وقتل أبنائه العزل من السلاح وإشاعة الفوضى فى البلاد»، مشددا على أن هذه الجماعة شديدة التطرف والغباء.
ولفت المخرج الكبير على عبدالخالق، إلى أن إرهاب الجماعات المتطرفة كان ومازال يمارس علانية حتى الآن على أرض سيناء، بعدما اتخذت الجماعات الجهادية والتنظيمات السرية من سيناء مقرا لها، لممارسة نشاطها الدموى، والهجوم الصارخ على أقسام الشرطة، وقتل الجنود بصورة إرهابية بشعة.
وأضاف عبدالخالق قائلا: «نحن أصبحنا فى حرب علنية مع الإرهابيين، بعدما بدأوا فى قتل وسحل أبناء الشعب ورجال الشرطة علانية، باستخدامهم القناصات من أعلى أسطح المنازل، واستعانتهم بعناصر فلسطينية لضرب الوطن».
وأشار المخرج إلى أن الجماعات المتطرفة قويت شوكتها لطيلة مدة الاعتصام الذى أقاموه بميدانى «النهضة» و«رابعة العدوية»، مؤكدا أنه لو كان تم فض هذه الاعتصامات وقت إقامتها لم يكن هناك تواجد لأسلحة ثقيلة بالمكان لاستخدامها بهذه الطريقة فى حرق الوطن، ووجه على عبدالخالق اللوم لحكومة د. حازم الببلاوى التى تراخت كثيرا فى فض الاعتصام حتى أصبح تتزايد قوته إعلاميا وإرهابيا وأدت إلى ما نحن فيه الآن.
فيما قال الكاتب والسيناريست لينين الرملى، إنه كان متوقعا أن تشهد هذه المرحلة عنفا جسديا وإراقة دماء، فى ظل حكم الإخوان المسلمين للبلاد، مستشهدا بتاريخهم الدموى، حيث قال: «التاريخ لا يزوّر، وكان هناك إرهاب بالفعل، ولم يتوقف، وخير دليل قتل الرئيس الراحل أنور السادات، وما يحدث الآن من هجوم على أقسام الشرطة وقتل أفراد الأمن وحرق الكنائس وضرب الأقسام وتخريب المنشآت العامة، وهذه الثقافة الدموية ترجع خطاياها لخلط الدين بالسياسة».
ويضيف مؤلف «الإرهابى» قائلا: «اليهود لديهم متشددون فقط، لكن ليس لديهم إرهابيون، ومن يفكر فى إعادة زمن الخلافة عابث ومجنون، وهناك استغلال واضح لفقراء المجتمع باسم الدين، والمعركة الدموية التى تجرى على أرض الوطن الآن كانت متوقعة، نظرا للفاشية التى تسيطر على عقول الجماعة».
وأشار المخرج محمد ياسين، مخرج «الجماعة» و«دم الغزال»، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين قبل أن تحكم وتاريخها ملوث بالدماء عن طريق اغتيالات رؤساء وزراء مصر والقاضى الخازندار وغيرهم، وعادت الآن لتنفيذ ما كانت تفعله من قتل وحرق وتدمير فى البلاد.
ويضيف المخرج قائلا: «منذ أن تم تصدير السلفيين فى المشهد واستخدموهم كسلاح للترويع، وظهر هذا فى محاصرة مدينة الإنتاج الاعلامى، وحريق مقر حزب الوفد، ونحن نرى ممارسة علانية للإرهاب وأكملوها بما يفعلونه حاليا من ترويع حقيقى للمجتمع».
الإخوان ينفذون سيناريوهات "الإرهابى" و"دم الغزال" و"الناجون من النار" و"الإرهاب" بقتل المصريين بالشوارع وحرق الكنائس ومحلات الأقباط.. وحيد حامد: كنت واثقا من إجرامهم لأن تاريخهم دموى
الخميس، 29 أغسطس 2013 02:57 م
عادل إمام
كتب - العباس السكرى
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة