لا فرق بين أوباما والبرادعى فى إلحاق الضرر بمصر.. الأول تعمد باستقالته التليفزيونية أن يشهّر ببلاده فى الخارج فوضع المسمار الأخير فى نعشه وألحق العار بتاريخه السياسى إلى الأبد، وخرج من المشهد المصرى غير مأسوف عليه.. والثانى تعامل برفق وحنية مع جرائم الإخوان المسلمين، بينما أدان بشدة الإجراءات التى اتخذتها الحكومة المصرية للتصدى لهذا الإرهاب المنظم، وبالمرة شجب على استحياء ال\اعتداءات الهمجية على الكنائس.. وكلاهما لعب دوراً شريراً فى الصورة المشوهة التى تسربت للرأى العام العالمى إزاء الأوضاع فى مصر، بدافع الغل والفشل والرغبة فى الانتقام من ثورة مصر العظيمة فى 30 يونيو، التى أفشلت خططا جهنمية تستهدف أمن واستقرار هذا الوطن.
كان فض الاعتصام هو الضربة الأخيرة الأخيرة التى أطاحت صوابهما ومعهما الأراجوز أردوغان، وضاعت منهم آخر محاولة لإنقاذ مرسى وعصابته وجماعته وإعادتهم للحياة عبر ما يسمى بـ"الخروج الآمن"، أملاً فى كسب مزيد من الوقت وإعطاء فرصة للتنظيم الإخوانى المسلح لشل الدولة المصرية وتفكيك أواصرها، وذلك بحصار المحافظات ومنع المحافظين من دخولها فى اليوم التالى لتعيينهم، واقتحام أقسام الشرطة والمرافق الحكومية، وتدشين حملة "مش حدفع" لإفلاس الحكومة وتنفيذ العصيان المدنى، وأخذ البرادعى يماطل ويسوّف حتى يكسب الوقت ويخرج هذا المخطط إلى أرض الواقع، غير أن الفض المباغت للاعتصامات وضعه فى موقف حرج وظهر فى صورة الحليف الضعيف الذى فشل فى تنقيذ ما طُلب منه، فأراد أن يتبرأ ويغسل يديه ويثبت لحلفائه الأمريكيين أنه بذل ما فى وسعه، وقدم دليلاً تآمريا هو الاستقالة الهزلية المسخرة، حتى لو كان الثمن هو الإساءة لبلده وإلحاق أشد الضرر به.
كان الله رحيما بمصر عندما أخطأ البرادعى- كعادته- حساباته وسارع بتقديم استقالته، فاستمراره كان وبالا لإصراره على استكمال هدم أركان الدولة، ويكفى أنه كان الوسيط غير الشريف الذى استدعى الوفود العربية والأجنبية المعادية للتدخل السافر فى شئون مصر، ليقوض أركان دولة القانون ويهز الثقة الدولية فى القضاء المصرى، بزعم أنه يقبل فتح السجون بعد منتصف الليل لمقابلة متهمين بجرائم جنائية، فظهروا أمام العالم كمعتقلين سياسيين زج بهم فى السجون، ولا يخفى ذلك على البرادعى أستاذ القانون الدولى الذى يعرف تماما ما يفعل، ويتحرك فى اتجاه واحد فقط هو البرادعى ومصالحه الشخصية وبعده الطوفان.
مشكلة البرادعى أنه توهم أن رضا السيد الأمريكى هو الباب الملكى للوثوب إلى عرش مصر، وإذا كانت أمريكا تريد الإخوان فهو سفيرهم المتوج لتحقيق هذا الهدف، فتكالب وتصارع لتولى أى منصب رسمى يضعه فى دائرة صنع القرار المصرى، وبدلا من أن يعمل بجد وإخلاص فى تصحيح صورة مصر فى الخارج بإعتباره نائبا للرئيس لهذا الملف، فعل العكس وقام بشويه والإساءة لموقف مصر وأظهرها آمام العالم فى صورة الدولة التى ترفض الحلول السلمية لفض الاعتصامات، رغم أنه أول من يعلم أن الإخوان أنفسهم ربطوا أى تسوية بعودة الرئيس المخلوع وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، ثم ألقى بقنبلته الدخانية فى وجه مصر والمصريين، بإعلان استقالته المفاجئة التى تشبه صواريخ القسام، دون أن يدرك آنه يكتب نهايته وليس إستقالته فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة