تبدو دعوة أنصار التيار الدينى بشكل عام وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص إلى عقد انتخابات برلمانية عاجلة، كسبيل للمخرج من الأزمة الراهنة، ولتلافى تداعيات الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، تبدو تلك الدعوة غريبة من قبل من يدعو إليها، ليس هذا فحسب، بل تبدو ماكرة إلى حد كبير، ونورد هنا أسباب ذلك فيما يلى:-
أولا: أن الانتخابات البرلمانية ليست كالانتخابات الرئاسية على الإطلاق، فالأولى هى لاختيار أعضاء السلطة التشريعية، بينما الثانية تتعلق بانتخاب رأس السلطة التنفيذية، ومن ثم فإنه لا وجه للتشابة بين الأمرين، لاختلاف الوظائف.
ثانيًا: أن الانتخابات البرلمانية هى انتخابات ذات طابع شخصى وعائلى وقبلى وجمهورى، من هنا تخالف بالكلية الانتخابات الرئاسية التى ينتخب فيها شخص واحد كرئيس للأمة المصرية، بعبارة أخرى، أن انتقاد الناخب المعارض للرئيس باعتباره قيادى إخوانى، ومن ثم رفض إعادة انتخابه أمر مؤكد فى حالة الرفض الشعبى الجارف له، لكن هذا لا ينفى إمكان انتخاب ذات الناخب المعارض لشخص ينتمى إلى التيار الدينى فى دائرته، لأنه ابن القبيلة أو لأنه رجل "خدوم" أو قريب أو نسيب عزيز على الناخب.
ثالثًا: أن الانتخابات البرلمانية التى يروج لها أنصار التيار الإسلامى بأنها كفيلة بتشكيل برلمان من أغلبية عددية كبيرة من المعارضة، باعتبارها حائزة على نحو 22 مليون من الناخبين الموقعين على استمارة "تمرد"، وأن هذا البرلمان كما يقولون قادر على إسقاط الرئيس نفسه، تلك المقولة باطلة.. باطلة.. باطلة؛ وفقًا للدستور نفسه، فعلاقة الرئيس بمجلس النواب تتعلق بإمكان تقديم الرئيس للمجلس اقتراحات القوانين لمجلس الشورى، وحق الرئيس فى حل البرلمان ودعوة الناخبين للاستفتاء، الذى قد يفضى إلى رفض الناخبين، فيستقيل الرئيس، هنا الدستور لم يقل على الإطلاق أن سبب دعوة الرئيس للاستفتاء هو أن المجلس به أغلبية برلمانية معارضة، لأنه ببساطة لو به تلك الأغلبية ما أقدم الرئيس على الاستفتاء على حل المجلس، إدراكًا منه بأنه سيخسر الاستفتاء، ومن ثم يخسر منصبه.
غاية القول، إن ما يشار إليه من أن الانتخابات البرلمانية تشكل حلا تقدمه السلطة للمعارضة عوضًا عن الانتخابات الرئاسية، هو أمر يهدف إلى تطويل عمدى لعمر الرئيس ولجماعة الإخوان وللمتأخونين، وللخشية من تقديم هؤلاء للعدالة فى اليوم التالى لخسارة مناصبهم ومواقعهم، وذلك بسبب الجرائم التى ارتكبوها فى حق الوطن، والتى ليست كلها تتمثل فى حرق 99 قسم شرطة إبان أحداث الثورة، ويشهد على ذلك فاكسات أوامر الحرق وصور تلك الأوامر بوزارة الداخلية، (وهذا يكفى)، بل بسبب التخابر الأجنبى فى مسألة الهروب من السجون،.. إلخ، لذلك كله نجد محاولات حل الأزمة من قبل السلطة فى أى اتجاه، إلا الاستقالة.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة