الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى يحلل شخصية الرئيس والثورة: مرسى لا يستطيع التمييز بين شخصه البسيط ومنصبه كرئيس جمهورية..لا توجد ثورات بيضاء.. وحكم جماعة الإخوان عرّى خيبتنا

الثلاثاء، 02 يوليو 2013 08:40 ص
الدكتور يحيى الرخاوى أستاذ الطب النفسى يحلل شخصية الرئيس والثورة: مرسى لا يستطيع التمييز بين شخصه البسيط ومنصبه كرئيس جمهورية..لا توجد ثورات بيضاء.. وحكم جماعة الإخوان عرّى خيبتنا الدكتور يحيى الرخاوى
حوار - رضوى الشاذلى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير انقلبت الموازين فى مصر رأسا على عقب، ولم يعد الشارع المصرى إلى طبيعته أبدا منذ فبراير 2011، ووصل الأمر ذروته عندما تمكنت جماعة الإخوان المسلمين من حكم البلاد.. المصريون الذين خلعوا مبارك وحاشيته يستعدون الآن لثورة جديدة على محمد مرسى وجماعته.. هذه الأحداث المتلاحقة وما طرأ على الشخصية المصرية من تغيير، وأيضا تحليل لشخصية الرئيس محمد مرسى، وغيرها من أسئلة يجيب عنها أستاذ الطب النفسى الدكتور يحيى الرخاوى.

فى البداية ما تفسيرك لحالة الإحباط التى يمر بها المصريون، وتحديدا منذ حكم الإخوان؟

- الإحباط وارد دائما، وكان علينا أن نضعه فى حسابنا منذ البداية، حتى نعرف كيف نتجاوزه، الإحباط وارد سواء حكم الإخوان أو أى فريق لم يستعد بالقدر الكافى والمهارة اللازمة لتحمل مسؤولية الثورة.

الثورات علامات فارقة خطيرة على طريق مسيرة أى أمة، لا توجد ثورة بيضاء بالمعنى الشائع، أغلب الثورات البيضاء تقريبا هى مسخ للثورات الحقيقية، وأنا هنا لا أدعو لثورة حمراء، لكننى أحاول أن أفيق من لا يريد أن يدفع الثمن ليجتاز بثورتنا بحور مقاومتها، ومحاولات محو آثارها أو يعكس اتجاه مسارها، الثورة ليست مجرد مليونيات وشعارات، الثورة إبداع جماعى، وأى إبداع لا يكتمل ويجهض ينتج عنه مسخ غير كامل النمو، وكلنا مسؤولون عن هذا الإحباط الذى نحن فيه الآن، وحكم الإخوان عرّى خيبتنا بشكل لا يمكن السكوت عليه حين أقدم على الجهر بالسوء، وحين راح يغطى فشله بالوعود بغير أساس، وبالتقية، أن يظهر غير ما يخفى، وبضرب المؤسسات الأساسية، مثل القضاء والداخلية، ولا مانع من محاولة ذلك مع الجيش. - ما حدث خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية هو احتمال أن يكون ثم بديل أكثر نضجا وموضوعية، على شرط ألا نتعجل الحلول، ولا نرضى بالتوافق التلفيقى، ونستعد لاحتمالات الانتقام المجرم من الذين انتـُزعوا انتزاعاً من أحلامهم المجنونة.

- ما تأثير تشويه جماعة الإخوان وشيوخها للإسلام على تلقى الآخرين لما ينصح به الشيوخ أو ما يقدمونه من معلومات؟

- الإسلام تشوه عبر التاريخ، وهو فى أساسه مثل كل الأديان: ثورة فى الوعى البشرى بإلهام الله لبعض من اختار من البشر فصاروا أنبياء عليهم الصلاة والسلام، والإسلام هو طريق للإيمان، وليس هو الإيمان كما تعلمنا من الآية التى نزلت فى الأعراب، وهو إبداع متجدد واستلهام حى لصالح كل البشر، وتعمير سائر الأرض، كل ذلك غائب تماما عن الإخوان وعن الشيوخ المحترفين، وعن أغلب المؤسسات الدينية التقليدية، كل المعلومات الدينية - أو أغلبها - التى تقدم للعامة تحت اسم الإسلام هى من نوع المعلومات السابقة التجهيز، أو المعلومات الـ«ديلفرى»، وهى تشويه لهذا الدين الرائع الداعى إلى كل أنواع الجهاد.

ما رأى الطب النفسى فى الدافع وراء نزول الجماهير إلى الشارع من جديد؟

- ماحدث يؤكد أننا تعلمنا من الخبرة السابقة ما يكفى لإحياء الأمل فى نهاية مختلفة، ومع ذلك فالحذر واجب من اعتبار أن مجرد النزول هو آخر جولة، فالمعركة مستمرة، والجهاد فرض عين على كل من يحب مصر ويحب الحياة ويحب الناس ويحب ربنا، ولكن لننتظر بداية الإبداع الثورى بعد الحمل الجارى الآن، إن  انتصار هذا الشعب العظيم ممثلا فى كل هذه الملايين الصادقة التى تحب بلدها، هو فى أن يصنع الحلول، لا أن يجد  الحلول، جاهزة سواء عند الأمريكان، أو عند الجيش أو عند إسرائيل، وهى تلبس طاقية الإخفاء، المعركة مستمرة، ونحن فى بداية جديدة، فليكن المسار مختلفا، والاختيار موضوعياً، لتكون النهاية أرقى وأبقى، وتكون النهاية هى بداية جديدة أيضاً لبناء دولة قوية قادرة، وليس نقلاً حرفياً لديمقراطية ملعوب فيها وبها.

وما السبب الذى ربما يكون محبطا للناس وقد يدفعهم للهزيمة والعودة إلى بيوتهم من جديد؟

- العودة للبيوت بعد النزول إلى الشارع والميادين ليست علامة هزيمة، بل هى حركة ضمن برامج حيوية الحياة، وبالتالى فإن معرفة طبيعة هذه القوانين يجعل العودة بعد النزول أمرًا طبيعيًا علينا أن نتوقعه.

وهل نفسية المواطن بعد الثورة أصبحت أكثر انهزامية أم العكس؟

- هناك أنواع كثيرة من المواطنين يجب الالتفات إليها لكى نعرف من أكثرهم انهزامية.. هل العامل الزراعى الذى لم يغادر حقله طوال هاتين السنتين أصبح أكثر انهزامية؟، هل العامل الذى تسببت الفوضى فى فصله عن عمله دون الحصول على حقوقه أصبح أكثر انهزامية؟، هل الذين أصبحوا أوصياء على الدين وعلى مصائر الناس إلى الجنة والنار أصبحوا أكثر انهزامية وهم منهزمون هازمون منذ البداية، أم أنهم أصبحوا أكثر تبجحا ووصاية؟.. حتى المهاجرون المصريون مسلمين ومسيحيين لا أعتبرهم انهزاميين بقدر ما أتصور أن بعضهم لم يعد يحتمل أن يعيش فى بلد ليست به حكومة.

هل هناك تغير طرأ على نفسية المصرى فى العامين الماضيين؟ ولو كنا نمر بظروف طبيعية فما الوقت الطبيعى لحدوث ذلك؟

- سنتان مدة قصيرة جدا لنتوقع بعدهما تغيرا نوعيا مثل الذى نتصوره.. إن اختلاف الصورة التى كنا نرسمها لأنفسنا عما آل إليه واقع الحال ليس تغييرا جذريا نوعيا، إن الذى حدث هو أولا: انفجار الانتقام بعد عقود من التهميش والاحتقار والامتهان والظلم. ثانيًا: انطلاق النوازع البدائية بعد اختفاء صورة الأب والرب معا. ثالثًا: غلبة الزيف فى الدين والإعلام والتعليم والسياسة جميعا. رابعًا: تعرية الجهل الخاص والعام بما يجرى فى الداخل والخارج. - لعل ما يحدث الآن هو حمل جديد، يحتاج صبراً جديداً، ورعاية جديدة، وولادة سليمة، وتربية أخرى، حتى يعوض الإجهاض السابق، أفضل تعبير «الثورة الثانية» (ربما لنتذكر ثورة القاهرة الأولى ثم الثانية فى مواجهة الحملة الفرنسية)، على تعبير استمرار الثورة، أو تصحيح الثورة، إذا كان قد تم إحباط حتى الإجهاض، فالحل هو «حمل جديد»، وليس – كما قلت - إحياء المسخ المجهض، مهما كان الحمل فيه صحيحاً فى أول أيامه.

ما تحليلك لشخصية مرسى فى أحاديثه وكيفية تعامله مع معارضيه؟ وما تعليقك على خطابه الأخير؟

- مرسى مصرى ليس عنده فكرة، اللهم إلا فى تخصصه غالبا، وأنا لا أستبعد حسن نيته، لكن أعظم الكوارث فى التاريخ حدثت بحسن النية، لأن حسن النية لا يحمى الضحايا من آثار مصائب ذلك، والرئيس مرسى لا يعرف أصلا معنى المعارضة رغم إقامته فى أمريكا بلد المعارضة الحقيقية والزائفة، فى أمريكا انتزعوا رئيسا من منصبه لمجرد أنه تنصت على حزب آخر، وسامحوا آخر رغم اعترافه بممارسة الجنس مع موظفة رسمية فى البيت الأبيض، لأنه لم يكذب على الكونجرس، من أين للرئيس مرسى أن يستوعب معنى هذا أو ذاك؟. هذا رئيس لا يستطيع أن يميز بين موقعه الشخصى البسيط، وموقعه كرئيس جمهورية، ثم إنه فى جهل تام بمعنى «الزمن»، كيف يطلب فى خطابه الأخير بإقالة كل المتسببين فى الأزمات خلال أسبوع دون تحقيق وإدانة؟، كيف يطلب تعيين كل المساعدين الجدد من الشباب مما لا يزيد عمرهم على أربعين سنة؟، هل نسى سن الجنزورى، أو محمد حسنين هيكل مثلا، هذا كلام من لا يعرف معنى كلمة أسبوع أو مضمون كلمة الشباب، لكنه يتصور بما يقوله هكذا أنه يرضى جميع الأطراف!

وأخيراً فإن تراجعه لم يكن أبدا بسبب مبدأ الرجوع إلى الحق فضيلة، إنما كان تنازلا، إعمالا بمبدأ «إن خفت ماتقولشى وإن قلت ماتخافشى».

برأيك لماذا زاد تطبيق حد الحرابة بهذا الشكل فى الفترة الأخيرة؟ خصوصا أن من يقوم به مواطنون عاديون؟

- السبب هو انطلاق أبشع صور البدائية، واختفاء سلطة الدولة الحقيقية، واختفاؤها أيضا داخل نفوسنا، لم يعد هناك أب يقود الأسرة، ولا جندى ينظم المرور، ولا رئيس يتحمل مسؤوليته، كما لم يعد الناس يوقرون القضاء ولا أحكامه، وأصبحت الأحكام تصدر من الجماهير فى الشوارع والميادين دون محاكمة، كما ساهمت الدولة فى امتهان القضاء أيضا، كذلك راحت تلعب بالداخلية ورجالها بطريقة لم تعد تطمئن أى أحد على حياته أو أسرته، كل هذا مجتمعا بالإضافة إلى ضعف الوازع الدينى الحقيقى، وفى الوقت نفسه التصعيد والإثارة والتحريض الدينى الأعمى.

حادثة قتل الشيعة بهذا الشكل ما نتيجتها وتأثيرها على نفسية المصريين، وتحديدا الأقباط؟
- إن من أخطر ما نمر به هو التفرقة بين جماعات المسلمين، إذا كنا ندعى أننا لا نفرق بين مسلم ومسيحى، ونلوح بسماحة الإسلام حتى مع الأديان الأخرى، بل حتى مع الكفار، فكيف يصل بنا الحال إلى قتل مسلم لمسلم بهذه الصورة لمجرد اختلاف الملة؟، وكيف يصدقنا المواطن المسيحى بأننا لن نفعل به نفس الفعلة؟، وكيف نزعم أمام العالم الخارجى أو حتى أمام أنفسنا أننا نحترم الاختلاف أو نحترم الآخر؟!

ما يحدث فى الشارع المصرى من تحول فى السلوك هل هو طبيعى نتيجة لحدوث الثورة، أم أن هذا هو سلوكه الحقيقى؟

- قلت فيما سبق إنه لم تعد هناك دولة أصلا، ثم إن ما حدث من اقتحام أقسام البوليس، واهتزاز صورة السلطة الأعلى مع التغيير غير المناسب، وغير المفسر للنائب العام، وأيضا لوزير الداخلية، كل ذلك جعلنا أقل تنظيما من أى قبيلة بدائية.. إن الثورة لم تكتمل أصلا، هى فى حالة إجهاض حقيقى، والإجهاض نفسه لم يكتمل أيضا والمسألة تحتاج إلى إسعاف حقيقى فى العناية المركزة من كل الأطراف.

هل فشل المعارضة كان سببا رئيسيا فى إحباط المصريين خلال الفترة الماضية؟

- طبعا، مع الاعتراف باجتهاد وتضحية ومثابرة معظم المعارضين. لابد من الاعتراف بأن المعارضة ككل فشلت فى الوصول إلى المواطن العادى، كما فشلت فى تجميع نفسها حول فكرة محورية وبديل واضح المعالم، فأصبحت الصفة الرئيسية التى تجمعها هى أنها «ضد الحكومة»، وهذا لا يكفى لتسمى معارضة، إذ لابد من خطوات بديلة، ودراسات متكاملة، وتواصل مع عامة الشعب، وليس فقط جماعات من يسمون الثوار، ثم إن كثيرا منها اعتمد على الخطابة والتهييج الإعلامى، وليس العمل السياسى الموضوعى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة