منذ انطلاقها بدت فضائية «الجزيرة» أنها تحمل رسالة تتجاوز الدور الإعلامى، فاستعانت بفريق عمل احترافى، ومراسلين فى كل دول المنطقة بل وفى عواصم الدول الكبرى كواشنطن والدول الأوروبية، مدعومة بمعدات متطورة وسقف مرتفع لحرية التعبير، كانت فى تلك الأثناء وسائل الإعلام الحكومية فى كل الدول العربية فاشلة يقتصر دورها على تمجيد الحكام المستبدين الذين سقط معظمهم فيما يعرف بثورات الربيع العربى.
أثناء تلك الثورات تجاوزت «الجزيرة» دورها المهنى لتصبح طرفًا فى الصراعات، تنتقى الأخبار والضيوف والأحداث بحسابات أجهزة المخابرات، لترسخ صورة ذهنية لدى المتلقى، تخدم طموحات أطراف بعينها، ومع بداية الحراك السياسى فى مصر ضد نظام الرئيس الأسبق مبارك، أطلقت الجزيرة قناة خاصة باسم «مباشر مصر» كانت لها خياراتها الانتقائية لدرجة أنها لم تكن تستضيف سوى المحسوبين على تيار الإسلام السياسى، وأحيانًا بعض الليبراليين أو الناصريين من باب «سدّ الذرائع»، وكان مقدمو البرامج غالبًا ما يساندون رؤية الإسلاميين ضد خصومهم، لم تستضف «مباشر مصر» مئات من الشخصيات المدنية ولدىّ قائمة طويلة أتشرف أننى أتصدرها، بل لم تستضفنى شبكة الجزيرة برمتها سوى برنامج وحيد هو «الاتجاه المعاكس» الذى يقدمه الإعلامى المحترف فيصل القاسم، لكن ما دون ذلك لم يحدث أن شاركت فى هذه القناة.
قبل أيام حدثنى الأخ فيصل القاسم للمشاركة فى «حلقة مسجلة» من برنامجه الذى كان يُبث على الهواء عادة، كما تغير موضوع الحلقة، وأخيرًا وقعت الواقعة، فإذا بقناة الجزيرة مصر هى الوحيدة التى تتبنى ممارسات الإخوان بتغطية احتجاجاتهم حصريًا، مما اضطر المذيعين والمراسلين لتقديم استقالات جماعية.
لم يعد هناك وقت فكلها ساعات خلالها يجب حسم أمرى، فاستشرت من أثق بهم، وتابعت وملايين غيرى عدم مهنية الجزيرة مباشر مصر، وأنها سخرت كل إمكانياتها لمناصرة جماعة الإخوان خاصة فى محاولة اقتحام دار الحرس الجمهورى، فقد استبقت الجزيرة التحقيقات وانحازت لأنصار المعزول، وحاولت أن تظهر المقتحمين كأنهم ضحايا، ولم تفسح المجال لأحد ليرد على هذه الأكاذيب المختلقة فقد شاهدنا الأحداث بعيوننا، دون ادعاء بطولة ولا عنتريات، وجدتنى أمام خيارين: إما أن أذهب للدوحة للمشاركة فى فضائية تحولت لبوق إخوانى، أو أن أعتذر للأخ فيصل القاسم، وبالطبع كان الخيار محسومًا، فلا أعانى «تورم الذات»، لكن أعترف بالحساسية المفرطة تجاه كل ما هو مصرى.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة