هل سمعت عن الرخصة الرابعة للمحمول فى مصر؟.. ربما راودتك الحماسة لأنها ستكون أول شركة وطنية «نحن نعتقد خطأ أن كل شركة حكومية هى وطنية بالتبعية»، وأن دخولها لسوق المحمول سيكسر أنف الشركات الثلاث «الخاصة» وسيجعل سعر الدقيقة «فى الأرض» والإنترنت فى متناول الجميع، والرسائل مجانية، ربما أيضا تكون سيئ النية وتعتبر أن «وطنية» الرخصة الرابعة ستعفيك من الاختيار الصعب بين صرف أموالك على آل ساويرس أو دعم أبناء الفرنجة المعادين للإسلام، أو زيادة أرباح الإماراتيين المناهضين للثورة المصرية.
مشكلة الرخصة الرابعة يا صديقى تتمثل فى أننى وأنت سنصبح ضحايا أكثر مما نحن عليه، لو تمت هذه الخطوة دون دراسة كافية للسوق المصرى وحاجته لشركة محمول رابعة، وكذلك ما ستجنيه الشركة الوطنية من أرباح وهل سيتناسب مع طموحاتنا كمصريين أولا وكمستهلكين ثانيا، لأن الأرقام التى أفهمها كمواطن عادى لا تبدو مريحة للتسرع فى خطوة كهذه، نحن فى مصر حوالى 87 مليون مواطن لدينا ما يقرب من 92 مليون شريحة محمول، أى أن عدد الخطوط يزيد على عدد السكان «الذين لا يمتلك جميعهم محمول» بحوالى 5 ملايين شريحة، وحتى باعتبار أن تفسير هذا الفارق يستند لامتلاك بعض الأشخاص لأكثر من شريحة، فمازالت تلك النسبة مخيفة لأى عاقل أن يقرر المنافسة فيها دون أن يكون لديه ما هو جديد بالقوة الكافية للدخول فى هذه التجربة التى ستعتبرها الشركات الثلاث الأخرى «حربا مقدسة» لن تستند على المنافسة وحسب، بل يدعمها الدافع الوطنى الذى يغفر للمنافس الجديد أن يبدأ عاديا أو أقل، ستجد أصواتا فى الفترة القادمة تعلو بالصراخ للتعجيل بهذه الخطوة، بعضهم سيخرج فى تظاهرات للضغط عاطفيا على الحكومة، أرجوك لا تأخذ هذا الأمر من وجهة نظر واحدة، فكر فيما يسميه علماء الاقتصاد «ما بعد المرحة الأولى»، قد يكون كل موظف فى الشركة الوطنية يحلم ليلا ونهارا بالطفرة التى سيحققها راتبه لو تحولت شركته لتقديم خدمات المحمول، ونصيبه من الأرباح نهاية العام، وقد تدفع تلك الأحلام للموافقة على أى ورقة ضغط على صانع القرار للتعجيل بالأمر، لكنه فى النهاية سيربح مما أخسره أنا وأنت.. وربما هو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة