أصبح واضحًا للجميع أن صعود التيارات الإسلامية، ووصولها للحكم فى كثير من الدول، فى أعقاب الربيع العربى، أقلق قوى الشر العالمية، ودفعها بقوة نحو المواجهة وعرقلة مسيرة هذه التيارات من خلال صبيانهم فى المنطقة، لذا وجدنا أن القوى الليبرالية واليسارية يديرون معركة حامية الوطيس مع النظم الإسلامية، ويحاولون إثارة الاضطرابات من خلال تضخيم المشاكل بل وصنعها، مستعينين باللوبى الإعلامى، الذى تدفقت عليه عشرات المليارات من الدولارات فى مصر وتونس وليبيا، وذلك بخلاف استغلالهم أسوأ استغلال لأجواء الحرية، التى التزمت بها هذه الأنظمة، اقتناعا منها بأهمية الحرية، التى حرمت منها التيارات الإسلامية على مدار عقود طويلة.
ولم تقف المعركة عند حدود دول الربيع العربى، بل وجدنا العلمانية تدير معركة شرسة مع النظام التركى المحسوب على التيار الإسلامى، فى أعقاب محاولة أردوغان وحكومته إصدار قانون لمنع تناول الخمور بشكل متدرج، حيث قررت الحكومة هناك منع تناول الخمور فترة الليل كمرحلة أولى، مما دفع الآلاف من العلمانيين للتظاهر والمطالبة بإسقاط النظام، متهمينه بإحياء الهوية الإسلامية وسعيه للتخلص من العلمانية!
ومن العجيب أننا وجدنا السياسيين المصريين، الذين يطلقون على أنفسهم التيارات المدنية، على مدار الأيام الماضية فى أعقاب مظاهرات العلمانيين، يشنون حربا على النظام التركى، الذى كانوا ينعتونه بالتقدمية ويثنون على نهضته الاقتصادية، وتمنوا فى لقاءاتهم المتلفزة أن يصل التيار الإسلامى المصرى لمثل هذا النموذج الناضج.
وما يدل ذلك إلا على أن الحرب الحقيقية بين التيارات الإسلامية وغيرها من هذه التيارات، هى حرب على الهوية، لذا نجدهم حريصين كل الحرص على إفشال تجربة هذه الأنظمة فى المهد، والإجهاز عليها حتى لا تقوم لها قائمة مرة أخرى، لذا رأينا فى الوقت الذى يتظاهر العلمانيون فى تركيا، وجدنا رجالهم فى مصر يعدون لمظاهرات يحاولون أن يسقطوا من خلالها النظام، وتناسى هؤلاء جميعا أن الأنظمة الإسلامية جاءت بإرادة شعبية، ولديها فصيل يتمتع بالأغلبية فى هذه البلاد، ومن المستحيل أن يمسوها بسوء، لذا أرى أن الشعوب ستلقن توابع الغرب والشرق درسا لن ينسوه، ولن يستطيع أحد أن يهزم فصائل وطنية تتمتع بشعبية متجذرة فى هذه البلاد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة