لم يقل فضيلة شيخ الأزهر سوى الحق حين أفتى بعدم جواز تكفير الخروج على طاعة الحاكم مادامت المعارضة سلمية، واعتبارها مباحةً شرعًا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر، ولم يتجاوز قداسة البابا تواضروس حكمته المعهودة حين لم يجد مانعًا من نزول المسيحيين لاحتجاجات 30 يونيو، باعتبار «الكنيسة جزء من المجتمع، وعملها روحى، لكن لها دورا اجتماعيا، وأن التعبير عن الرأى حرية، كما خرج الشباب فى 25 يناير»، أما الجيش فهو المؤسسة التى يلتف حولها المصريون كافة من شتى المشارب، لأنها تمثلهم، ولا تحتاج لشهادة أحد على دورها الوطنى فى الحرب والسلام، فقد حاربت وانتصرت، واستعادت كلّ ذرّة من ثرى مصر، وشيدت مشاريع عملاقة فى ربوع البلاد.
ومع ذلك، يتطاول على الجيش والأزهر والكنيسة بعض السفهاء، «ومن أمن العقوبة أساء الأدب»، فمن أين أتى هؤلاء بالجرأة على المؤسسات المصرية التى يُجمع ملايين المصريين على احترامها؟ وكيف يُستساغ أن يصف أحدهم جيش مصر بأنه سبب نكستها، وفى حضور رئيس البلاد «القائد الأعلى للقوات المُسلحة»؟
وكيف يتطاول آخر على تصريحات وزير الدفاع ويصفها بـ«العربدة»، ومن يحمى ذلك الذى تلطخت يداه بدماء مئات الأبرياء ليهدد الأقباط إذا شاركوا باحتجاجات 30 يونيو، بقوله: «إن هناك رؤوسًا أينعت وحان قطافها». ومن هو هذا الذى يصف شيخ الأزهر بمعاداة الثورة، ويحرض الرئيس على ردع معارضيه المسالمين، وكيف يتمسحون فى «السلمية» بعد هذا التحريض المؤثم قانونيًا، ومع ذلك لم يُحرك النائب العام ساكنًا ضد من يسب ويُحرض على المؤسسات والشعب!
إن المرء قد يتسامح بحقه الشخصى، لكن هل يصح أن يمر التطاول على رموز الوطن دون محاسبة، بينما يزعم حكّام البلاد حرصهم على «دولة القانون»، ويتباكون مما يعتبرونه إهانة لمقام الرئاسة والعشيرة. صحيح «يعملوها ويخيلوا»، كم هى عبقرية ثقافتنا الشعبية حين تختزل معانى عميقة بعبارات بسيطة، إنها حكمة شعب لا يحترم السفهاء الذين يتمسحون فى نظام يتخبط العشواء، ويعجز عن التصدّى لأزمات البلاد والعباد. لا أراهن على نظام جمع بين الفشل والفاشية، بل على الشباب الثائرين الذين سيقولون كلمتهم الحاسمة، ويحدونى الأمل بقدرتهم بكل تحضّر وسلمية على استرداد ثورتهم المسروقة، وحينها سيُحاسب السفهاء ليس بدوافع انتقامية كما يتصرفون، بل بسيف الحق وميزان العدل، ليعرف الجميع حجمهم الصحيح، ويفكروا ألف مرة قبل التطاول على أنبل رموزنا، وإن غدًا لناظره قريب.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة