كلما اقترب موعد 30 يونيو زادت القلوب خفقانًا، فالأوضاع الراهنة تجعلنا جميعًا ندعو الله عز وجل أن تمر تلك الأيام بمصر على خير، فالعيون تدمع والقلوب تعتصر على ما وصل إليه حالنا، مقارنة بما كنا نحلم به من أوضاع ورغد العيش، فسوء الخدمات وتدنيها، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، واستشراء الفساد الأصغر، وارتفاع الأسعار، واستغلال فلول النظام السابق للأوضاع وعودة اللعب بمقدرات الدولة حتى يتبين لدى المواطن فداحة الفشل، كل ذلك يجعلنا نخاف ذلك اليوم، ونرجو من الله بعفوه ومقدرته أن يمرر هذا اليوم على خير، دون أن يتحمل الوطن وتتحمل الدولة أعباء إضافية.
لكن كيف نستعد لهذا اليوم؟
بداية لا يمكن لأحد أن ينكر على أى مواطن حق التظاهر والاعتصام سواء فى هذا اليوم أو غيره، فهو حق كفله الدستور، وكفلته من قبل مبادئ حقوق الإنسان، لكن الخوف كل الخوف أن تكون العواقب وخيمة جراء سوء استخدام هذا الحق. هنا تبدو مثلا الخشية من تظاهر واعتصام فئات معينة، كالأطباء وأطقم التمريض فى المستشفيات، والمسئولين عن إدارة المركبات وخطوط المواصلات العامة بما فيها حركة الطيران، وأصحاب المخابز. كما تبدو الخشية من استخدام وسائل عنيفة للتعبير عن الرأى أو مواجهة المعبرين عن آرائهم، أن مشكلة المشاكل هى أن ثورة المصريين فى 25 يناير وانفجارهم فى وجه نظام مبارك، لم تعلمهم كيفية التفرقة بين الحرية والفوضى.
لذلك نقول إنه من المهم لقيادة المتظاهرين بغض النظر عن انتماءاتهم أن يتحروا الدقة فى اختيار التوقيتات التى ستبدأ فيها تظاهراتهم، حتى لا يختلط الحابل بالنابل، ويدعى البعض بعد حدوث الكارثة لا قدر الله أن فريقًا ما قام بحادث ما، بعبارة أخرى، يجب أن تحدد قيادات الفرق المتظاهرة موعد البدء فى التظاهرة أو الاعتصام، وربما يكون من الأفضل تحديد موعد الانتهاء.
الأمر الثانى، من المهم أن يتم تحديد أماكن بعينها للاعتصام أو التظاهر، وأن تكون تلك الأماكن علنية، هنا لا يمكن للمرء إلا أن يدين بأقصى العبارات دعوة جماعة الإخوان المسلمين لاختيار ذات مكان الاعتصام (قصر الاتحادية) واستباق التيارات المدنية بالاعتصام فى ذات المكان قبله بيومين، فهذا الأمر هو دعوة صريحة للعنف، ودعوة للتحرش المسبق بالآخر، وهو بالتأكيد ما سيجعل أنصار التيار الآخر مستعدين لكل الاحتمالات، وربما يكون فرصة ذهبية للمندسين، حتى يشتعل الموقف على غرار –وربما أسوأ- مما حدث فى معركة الاتحادية فى 5 ديسمبر 2012.
الأمر الثالث، من الضرورى أن يضع التيار المدنى باعتباره صاحب المصلحة فى هذه الأحداث سقف لمطالبه. هنا نشير إلى أن تنحية الرئيس أو خروجه من الحياة السياسية تتم عبر ثلاثة طرق لا رابع لها. الطريق الأول، دستورى ويتضمن ست سبل حددها الدستور، وهى إكمال الرئيس مدته، وهى أربع سنوات (م133)، أو الاستقالة (م151م153)، أو الإقالة بسبب الاستفتاء الذى يدعو إليه ويخسره على حل مجلس النواب (م127)، أو الاستفتاء الذى يدعو له لبقائه من عدمه (م150)، أو الإدانة بعد محاكمته بتهمة الخيانة العظمى (م152)، أو الوفاة أو العجز الدائم (م153). أما الطريق الثانى، فهو سياسى، ويرتبط بالعصيان المدنى، ويشترط فيه أن يكون عصيانًا عامًا، وواضحًا لا لبس فيه يشل كافة مؤسسات الدولة بلا استثناء، ويبدو أن المعارضين للرئيس يتجهون لذلك، رغم عدم إدراكهم الفعلى لمدى النجاح الذى يمكن أن يحرزوه لا سيما وأن الرئيس الحالى ليس شخصًا عاديًا بل من خلفه جماعة قوية، ورغم أنهم لا يطرحون البديل المقبول، ورغم أنهم يريدون فض "الجيم" أو اللعبة التى اتفق الجميع عليها من منتصف المباراة. أما الطريق الثالث، فهو العنف، وهو طريق يجب أن يرفضه الكافة، ويتذكر الجميع أنه لم يكن الأسلوب المتبع حتى فى مواجهة نظام مبارك.
الأمر الرابع، ضرورة أن يقوم الأمن بدوره الفاعل والمحايد فى التعامل بكفاءة مع كافة الفرقاء. هنا يتوجب عليه وبشكل مبكر إصدار تعليمات توضيحية لكافة الخصوم، يبين خلالها معنى التجاوز، وتصرفه بحق المتجاوزين، ويتحتم أن يكون هذا التصرف يأخذ طابعا تدريجيا، وكيف يمكن له الفصل بين الفرقاء....إلخ. بالإضافة إلى الأمن، يجب أن تكون أجهزة وزارة الصحة على أهبة الاستعداد لتلافى أية مشكلات متوقعة، وذلك من خلال إعداد الأطباء والأبنية الطبية والمعدات والأدوية لمعالجة الحالات الطارئة التى لا يرجى وقوعها.
هذا وبالله التوفيق.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة