انتهت مرحلة الدراسة بعنائها وحلوها ومرها، ثم بدأ البحث عن العمل فى وسط حالة من البطالة وندرة الوظائف، وأخيرًا تأتى فرصة العمل لتبدأ الرحلة التى تحتاج الكثير من الجهد والمثابرة والقراءة والإطلاع والدورات التدريبية المؤهلة، كل حسب تخصصه ومجاله، الوظائف المعروضة قليلة مقارنة بعدد خريجى الكليات النظرية والعملية التى لا تخضع للدراسة وما يتطلبه سوق العمل.
يأمل الإنسان خلال رحلته الوظيفية، على اختلاف نوع العمل، أن ينجح فى حياته العملية ويخدم وطنه من موقعه فهو صاحب الفضل عليه وما وصل إليه من مكانه فقد وفر له سبل العيش والدراسة حتى أصبح مرموقًا فى مجاله، وخلال رحلة العمل يحاول الفرد أن يؤسس لمستقبله ولأسرته ما يجعلها تعيش حياة مستقرة تليق بآدمية الإنسان من مأكل ومشرب ورعاية صحية وترفيه.
وبعد تلك الرحلة الطويلة تأتى اللحظة الفارقة وهى إحالته إلى سن التقاعد وتلك سنة الحياة، وفى كل الدنيا يجد الإنسان بعد إحالته على المعاش ما يحفظ له كرامته من رعاية صحية ومعيشية فهى بمنزلة المكافأة على ما بذله من جهد وعرق فى خدمة الوطن، وهذا هو رد الجميل عندما تستنهك قواه وأصبحت قدرته على العطاء محدودة بحكم السن وهذا أمر طبيعى وليس مفاجأة، فقد أعدت الدولة عدتها ووضعت الأسس والأنظمة لتلك المرحلة العمرية لتكريم من بلغوا سن التقاعد.
ذهبت صباح يوم إلى البنك لأقضى بعد المصالح المرتبطة بالتعاملات البنكية، ووجدته مزدحمًا على غير العادة ولاحظت أن غالبية الموجودين من كبار السن، فسألت أحد الموظفين بالبنك فقال لى "النهاردة يوم صرف المعاشات"، وجدت أناسًا أتوا بصحبة أقاربهم يتكئون عليهم حتى يأتى دورهم فى الحصول على المعاش من خزينة البنك، فالكل يشترك فى كبر السن فلا تمييز لأحد على الآخر.
شعرت بالضيق وسرحت بخيالى عندما أصبح فى سن المعاش، فهذا هو المصير المحتوم الانتظار ولا شىء غيره، وسط الزحام دون مراعاة لكبر السن، فلا تخطيط ولا رحمة، لقد ذهب التاريخ الوظيفى ولن يعود.
الحل بسيط للغاية فمكاتب البريد المنتشرة فى ربوع مصر من السهل أن تذهب بالمعاش إلى صاحبه فى محل إقامته نظير مبلغ زهيد وليكن عشرة جنيهات شهريًا، فمن خدم الوطن على الدولة أن ترد له الجميل اعترافًا بما قدمه، ولتعلم الأجيال الشابة أن الوطن لا يهمل أبناءه مما يزيد من الانتماء إليه، هكذا تكون الدنيا أخذ وعطاء، وتطبيق الحل سهل وميسر ويفتح باب العمل لكثير من الشباب، ويرفع عن كاهل من وصلوا إلى سن المعاش، عناء العذاب الشهرى للوقوف فى طابور المعاناة والصبر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة