فجأة، وجد المواطنون الغلابة أنفسهم محاصرين بجهنم الحمراء والعياذ بالله، رغم أنهم يشقون بحثا عن لقمة العيش ولا يتجرأون على الكبائر ويرفضون أكل الحرام والسحت، ويستدينون حتى يعلموا أولادهم فى المدارس الميرى وفصولها التى تتكدس بمائة تلميذ ودروسها الخصوصية الإجبارية.
الغلابة الشقيانين، يستيقظون من نومهم على الكدح وينتهون من شقائهم إلى نوم أقرب إلى الإغماء، وكل سعادتهم فى كيس فاكهة يحملونه إلى العيال، أو سهرة وسط الأسرة أمام الفضائيات وضحكات صافية من القلب، وأمل لا ينقطع فى الستر والصحة.
هؤلاء الغلابة الشقيانين، يزداد شقاؤهم بفتاوى التحريم المجانية، التى تسود عيشتهم وتنغص عليهم كوب الشاى بالنعناع بعد غداء الجمعة، وتمنع عنهم النسمة البريئة فى عز ضهر بؤونة، وتشككهم فيما علمهم إياه الآباء والأمهات والجدود.
كأننا نعيش كفارا والعياذ بالله إذا ضحكنا من قلوبنا على مسرحية لفؤاد المهندس، أو كأن آباءنا وأمهاتنا من مشركى الجاهلية، ما داموا قد زرعوا فى وجداننا الاحتفال الأسرى البهيج بعيد شم النسيم وتلوين البيض وأكل الفسيخ والبصل وسط الأهل واللمة.
انظروا لما نشره موقع «صوت السلف» من ملف خاص لشيوخ الدعوة السلفية، تفرغوا فيه لتحريم عيد شم النسيم باعتباره عيدا فرعونيا يهوديا نصرانيا، حسب ما أورده أحد هؤلاء الشيوخ.
لم يكلف هؤلاء المشايخ أنفسهم بالاجتهاد فى علاقة الفقه الإسلامى بقضايا العصر الحديث، ومنها تخلف المسلمين فى كافة العلوم والابتكارات، واستيرادهم كافة المنتجات تقريبا من الإبرة للصاروخ، وكأنهم عالة على الإنسانية، ومنها ما يساعد المسلمين فى بلاد غير المسلمين على التعايش دون أن يكونوا مكروهين أو جيتو أو علامة على التطرف، ومنها ما يعين على نهضة المسلمين فى الداخل بالعلم النافع والمعرفة التطبيقية بدل أن يعيشوا على مجد أسلافهم.
اختار المشايخ الطريق السهل للمتطرفين فى عصور الانحطاط، والذى يبدأ بالتخويف والتحريم وينتهى باحتكار الدين وكأنهم وكلاء الله وخلفاؤه على الأرض، لكن هذا الطريق يا مشايخنا، لا يؤدى إلا إلى تنفير الناس منكم وعزوفهم عن نصائحكم وفتاواكم البعيدة عن نهج الرسول الأمين، فمتى تتعلمون يا مشايخنا الأعزاء من نهج الرسول الكريم؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة