مهزلة انقطاع التيار الكهربائى لم تعد مجرد أزمة عابرة، ولكنها تحولت إلى كابوس يطاردنا فى كل مكان، هناك عشرات المستشفيات يهدد انقطاع الكهرباء فيها حياة المواطنين، خاصة الحالات الحرجة والأطفال وإجراء العمليات الجراحية ناهيك عن طلاب المدارس والجامعات الذين فقدوا الأمل فى أى حلول، فعادوا إلى أوائل القرن الماضى، حيث استعمال لمبات الجاز والكيروسين!! حتى لا يضيع مستقبلهم بسبب هذه المهزلة.. التى ليس لها مثيل، كل شىء فى مصر توقف وعجلة الإنتاج تتراجع والكل فى حالة خوف واحتجاج وتمرد بعد أن وصل بهم الكيل إلى النهاية، وزاد من قلقهم على الغد أنه لا يوجد أى محاولات للإصلاح، فكل ما يقال مجرد وعود.. الناس تترحم على أيام الوزير المهندس محمد ماهر أباظة وزير الكهرباء الأسبق الذى استطاع أن يضىء كل القرى والنجوع والعزب فى مصر بعد أن وضع استراتيجية إصلاح واضحة لشبكة الكهرباء فى مصر، بحيث لا نشعر معها بالعجز أو التراجع، فقد جعل لكل أزمة حلاً وربطها بقواعد وقوانين حتى صار ماهر أباظة أفضل وزير كهرباء فى مصر.. لم يكن يخطط للقريب العاجل فقط، بل كان يرمى بعينيه إلى البعيد، ويخطط للأجيال ولمصر، المهندس أباظة النموذج والمسؤول هو ما نحتاج إليه اليوم، القضية أننا فى ورطة كابوسية شاملة تجتاح كل أراضى الدولة، ولابد أن يكون معها القرار الحاسم والخطة المسؤولة مهما كلفتنا لأننا لا نعمل لمجرد تخطيط وقتى أو رسم لخريطة كهرباء مصر.. وإيجاد طرق لتخطى الأزمة التى صارت مصيبة تلتهم أى إنجاز ممكن أن تتخيله.. سواء الأعمال أو حتى حياة المواطنين المرتبطة أعمالهم وأداؤهم اليومى بالكهرباء من نفوق الدواجن وركود الأسواق وتخريب أجهزة التثليج والتكييف المنزلية، كان الأمر فى البداية مجرد دعابة.. نرى ملامحها فى الرسوم الكاريكاتورية ثم تحولت إلى مأساة يومية منظمة.. فالكهرباء أصبحت تنقطع بشكل منتظم فى أغلب الأحياء أو جميعها بالعاصمة القاهرة تمتد إلى ساعات طويلة متواصلة فى البلدان المحيطة بالقاهرة حتى صارت كل مصر تتمتع بهذا الظلام الكئيب، والمدهش فى ذلك أن وزير الكهرباء الجديد أصر فى أول تصريح له على أن مصر لن تشهد ظلاماً فى عهده، والقضية أننا نطلب المصارحة مع الناس، وهى أحد مزاعم الإخوان المسلمين، فهم يقولون إننا نصارح الناس ولا نخفى الحقائق، ثم نرى الحال فى وضع آخر تماما.. الذى يحدث فى مصر نتيجة انقطاع الكهرباء هو فشل حكومة واضح وتقليص فى شعبية الإخوان المسلمين، والإخوان للأسف يسعون لمد نفوذهم فى كل أنحاء مصر، هذا هو الأمل، ويبقى مجرد وهم فى الهواء.. لأن الواقع يشير إلى أنهم يتراجعون لأنهم لا يفعلون ما يفيد الناس ويرتقى بأدائهم.. إنها أزمة كبيرة ونكبة فى مسيرة حكومة الإخوان، لأن الظلام المستمر سيفقدهم الكثير من شعبيتهم، بل أقولها للدكتور مرسى سيفقدك الكثير الكثير.. فنحن على شفا حفرة من احتجاج جماعى أخشى أن يتحول إلى ثورة نحن فى غنى عنها، فمصر فى هذه الظروف لا تحتمل تقلبات وانتفاضات لا نعرف مداها.. فالشكوى مرة وكل يوم تزيد من حدتها، لم نعد نحتمل تصريحات لا مدلول لها، لابد من وضع الأزمات على مائدة الحوار والسعى لحلها فورا.. بدلا من تلقى تصريحات غريبة من المسؤولين لا نجد لها صدى وكأنها مسكنات.. زمن المسكنات انتهى ولا يمكن أن ينفع هذا الأسلوب مع الشعب المصرى، وحتى هذه المسكنات التى يسعون لإلهاء الناس بها قد انتهت مدة صلاحيتها.. انقطاع الكهرباء هذا يحتاج إلى عقد مؤتمر كبير نسمع من خلاله عن كل خيوط الأزمة وأسبابها وكيف يمكننا حلها، وفى مصر لا نزال نعيش على أسلوب الطمأنة الكاذب وعلاج الأزمات بأسلوب «اليوم بيومه»، لا توجد خطة بعيدة المدى، لا توجد خريطة واسعة تشمل حال الكهرباء فى مصر من الشمال إلى الجنوب، الأمر لا يمكن أن يستمر بهذا الأسلوب، لابد من تدخل مجلس الوزراء لأن القضية ليست أزمة فئوية بل هى أزمة دولة.. لابد من إصلاح محطات الكهرباء فورا ثم التفكير فى إنشاء مفاعل نووى على مستوى نتمكن من خلاله من ضمان سلامة الكهرباء فى كل أنحاء مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة