وفقًا لاتفاق فرمونت الذى كان طرفاه المرشح الرئاسى الدكتور محمد مرسى والفواعل السياسية وقادة الرأى ممن قاموا بالثورة ودعموها منذ اليوم الأول، تعهد الأول المرشح قبل خوض الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة، بأن يكون الدستور الناتج عن الجمعية التأسيسية توافقيًا، والسؤال الآن ماذا حدث؟
وقد كانت النتيجة بيانيًا وإحصائيًا، حتى لا يقال أن التحليل التالى هو تحليلًا أو كلامًا مرسلًا، أن وافق على مشروع الدستور 10693911 ناخبا، بنسبة 62,9% من المشاركين فى الاستفتاء، والبالغ عددهم من إجمالى 51918866 ناخبا، وبنسبة مشاركة قدرها 32.9%... هذا هو يا سادة الدستور الإخوانى التوافقى. بعبارة أخرى، وافق على الدستور خمس الناخبين، بينما رفضه وقاطعه أربع أخماس الهيئة الناخبة!!.
والسؤال الآن هو: لماذا رفضت القوى السياسية مشروع الدستور؟ بعض تلك الأسباب ترجع لما يلى:- 1-عدم النص على انتخاب شيخ الأزهر. 2- عدم النص على عدم جواز الحبس فى جرائم النشر. 3- النص على تعريب العلوم والمعارف. 4- تقييد حرية الصحافة والإعلام بوضع شروط مجحفة لعملهما. 5- جواز حل النقابات على عكس دستور مبارك. 6- عودة مجلس الشورى رغم المصاعب الاقتصادية التى تمر بها البلاد، ورغم اختصاصاته المحدودة. 7- فتح الباب أمام الفساد بإلغاء إقرار أسرة الرئيس وأسرة نواب البرلمان للذمة المالية لهما. 8- استمرار رئيس مجلس النواب فى منصبه لخمس سنوات. 9- رفع حالة الضرورة كشرط لحل الرئيس لمجلس النواب. 10- منح رئيس الدولة صفة الحكم بين السلطات، رغم أنه رئيس أحد هذه السلطات. 11-عدم منح الأحزاب الممثلة فى البرلمان حق الترشح لرئاسة الجمهورية. 12- إطلاق يد رئيس الجمهورية فى تعيين رئيس الوزراء. 13- قيام الرئيس بتعيين الموظفين المدنيين بدلا من رئيس الوزراء. 14- منح الدستور الحق للرئيس فى الاستفتاء حتى لو على أحكام المحاكم. 15- لم يقر بالمحاسبة السياسية للرئيس مكتفيًا بالمحاسبة الجنائية. 16- تفصيل المحكمة الدستورية على مقاس الحاكم بتقليص عددها انتقامًا لحلها مجلس الشعب. 17- أجاز الدستور محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى. 18- قيام رئيس الجمهورية بتعيين رؤساء الهيئات الرقابية وهو ما قد يفتح الباب أمام فساد مؤسسة الرئاسة. 19- عدم النص على طريقة تشكيل المجلس الوطنى للإعلام مما يفتح معه الباب أمام تشكيل حكومى له، ناهيك عن أن وظائف المجلس تتسم بالهلامية. 20- إعادة نسبة العمال والفلاحين فى مجلس النواب. 21- منح مجلس الشورى صفة التشريع وحده، حتى تأليف مجلس النواب، وهو أمر يجافى حقيقة أن الشعب انتخب كمجلس استشارى، وأن من انتخبه هم 12,75% من الناخبين، إضافة إلى أن هذا المجلس 86% منه من المنتمين لتيار الإسلام السياسى.
هكذا كانت بعض الانتقادات على الدستور. المهم أنه بعد أن أعلن عن موعد الاستفتاء على الدستور، شهدت مصر خلافًا كبيرًا بسبب التعجل فى الاستفتاء، وكأن الساحة السياسية قد خلت من الخلافات ليأتى لها خلافًا جديدًا. هنا، واستمرارًا فى التسويف والتنويم الإخوانى للشعب المصرى عبر الوعود الوهمية، دعا الرئيس محمد مرسى قبل الاستفتاء إلى حوار وطنى، بين الأحزاب والقوى السياسية لتعديل الدستور عقب الاستفتاء. وكما جرت العادة فى كل مرة تغيب عن الاجتماع ممثلو التيار المدنى، الذين رأوا أن تحديد أجندة الاجتماع يعد حجرًا عليهم فى المناقشات التى هدف الطرف الداعى منها إلى أمر كان من أكثر الأمور غرابة على الإطلاق، وهى التحاور حول المواد المختلف عليها بغية طرحها على مجلس النواب المنتخب فى جلسته الأولى عقب تشكيله بعد الانتخابات البرلمانية. وهكذا تحول الأمر لما يشبه الهزل، فالدستور الذى تأسس على عجل ودون وفاق وطنى واضح، اتخذ قرار بمناقشة التعديلات عليه قبل الاستفتاء على إقراره، أى وهو لا زال مشروع دستور!! والمهم فى هذا الإطار أن الرئاسة أصدرت أكثر من تصريح تجزم فيه بأن المناقشات سوف تفضى إلى قيام الرئيس فى أول جلسة لمجلس النواب بطرح التعديلات باسمه، والأغرب من ذلك أن الرئيس تعهد بتمرير التعديلات التى سيتفق عليها، لمجرد أن القوى الحاضرة للحوار ستلزم أنصارها فى مجلس النواب المنتخب بتمرير التعديلات دون تغيير!!
وعامة، فقد انتهت جلسة الحوار الوطنى إلى الاتفاق على نحو 160 تعديلا للدستور، وقد جاء موقف مجلس الشورى من قانون الانتخاب بعد عدة أيام من الموقف السابق ليضرب بعرض الحائط آمال كافة المتفائلين من جلسات الحوار الوطنى حول تعديل الدستور. إذ عقدت جلسة للحوار الوطنى فى يناير2013 للاتفاق على مشروع الانتخابات القادمة لطرحه على مجلس الشورى، وبعد أيام من طرحه فوجئ المجتمعون أن المجلس يعدله ولا يأخذ بمقترحات لجنة الحوار باعتبارها مقترحات غير ملزمة، وكان ذلك بمثابة رد على كافة الطامحين فى تمرير التعديلات الدستورية من لجنة الحوار الوطنى على مجلس النواب القادم.
خلاصة القول، على الوفاق السلام وعلى الخداع الإخوانى التحية والتشريف!!
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة