كان الشاب محمد رمضان بطل فيلم «عبده موتة» يضحك بتلقائية شديدة، وهو يقول للإعلامى وائل الإبراشى: أنا مفيش بلطجى يثبتنى لأن البلطجى ده واخدنى قدوة ومثل أعلى. بينما صديقى وزميلى فى قسم الثقافة بـ«اليوم السابع» «بلال رمضان» يتعرض لواقعة بلطجة «فى عز الضهر» أمام محطة مترو فيصل نتج عنها سرقة تليفونه المحمول الذى لم يهنأ به بعد، وفى ذات الوقت تقريبا كان مساعد وزير الداخلية يتعرض لواقعة بلطجة مشابهة فى مدينة نصر نتج عنها فقده لسيارته، وقبلها بيومين تعرض السيد رئيس الوزراء لإطلاق نار عشوائى على سيارته.
أصبحت البلطجة أسهل من «سلق البيض»، وصارت عمل من لا عمل له، صديقى الدكتور حامد عبدالصمد حكى لى قصة طريفة عن واقعة «تثبيته» على شط إسكندرية، فقد كان صديقى الروائى منسجما بإجازته فى مصر، عازما أن يسهر ليلة أمام البحر، فجلس مستمتعا بنسمات الفجر منتظرا شروق يوم جديد، غير أن الواقع كان يخبئ له ما حرمه من انتظار الشمس، فبدون سابق إنذار وجد نفسه تحت تهديد السلاح، شاب فى العشرينيات وقف بجانبه وأشهر سلاحه الأبيض فى وجهه قائلا: طلع اللى فى جيبك لاشق.. أمك، ولما نظر حامد إليه وجده مرتبكا متلعثما وهو يسب الدين ويشهر السلاح، فقال له دعك مما فى جيبى، سأعطيك مائة جنيه وانصرف، فوافق الشاب «المبرشم» وأرخى سلاحه قبل أن يعطيه ما اتفقا عليه، الغريبة أن الشاب المتلعثم لم ينصرف بعد استيلائه على الأموال، وظل واقفا مرتبكا، ثم جلس بجوار حامد وتجاذب معه أطراف الحديث، فعلم منه أنه خريج كلية الآداب، وأنه سبق له العمل فى أحد مطاعم الوجبات السريعة ثم تعرض للنصب من قبل شركة أوهمته أنه ستحصل له على فرصة عمل فى المغرب، ودفع لهذه الشركة «اللى وراه واللى قدامه» معشما نفسه بالانتقال من المغرب فيما بعد إلى إسبانيا أو إيطاليا، لكن النصب سبق الحلم فصار الشاب إلى ما صار إليه.
تتوالى جولات «موتة» فى ربوع مصر دون صد من حكومة، أو رد من شعب، ولك أن تعرف أن كاتب هذه السطور قد تعرض لواقعتين مشابهتين، الأولى منذ ما يقرب من عام حينما سرقت سيارتى من أمام الجريدة بشارع جامعة الدول العربية، والثانية منذ شهر ونصف حينما تعرضت لمحاولة قتل على يد بلطجية فى شبرا الخيمة، كما أننى كنت أحد شهود واقعة سرقة فتاة فى جامعة الدول العربية على يد شابين كانا يستقلان موتوسيكلا، خطفا منها حقيبة يدها ولاذا بالفرار مسرعين، فالبلطجة تطال الجميع، سواء كان هذا «الجميع» من المواطنين السوبر مثل رئيس الوزراء ومساعد وزير الداخلية أو سعد الحسينى محافظ كفر الشيخ الإخوانى أو المرشح الرئاسى السابق عبدالمنعم أبوالفتوح، أو من المواطنين «العادة» كبقية الشعب المصرى، لكن الفرق الوحيد بين المواطنين «العادة» والمواطنين «السوبر» هو أن مسروقات «العادة» مفقودة، ومسروقات «السوبر» مردودة.
دعك من كل حوادث البلطجة العشوائية هذه، وانظر إلى الفيديو الذى انفرد به موقع فيديو «اليوم السابع» مسجلا بلطجة أحد ضباط الشرطة فى قسم شرطة شبرا الخيمة، وانظر أيضا إلى تصريحات وزير الإعلام الإخوانى وهو يبلطج على الجميع ويقول قبل التعديل الوزير «اطمنوا أنا قاعد على قلبكو»، وانظر أيضا إلى البلطجة الرئاسية التى تفرد جناحى الحماية على أعضاء الجماعة فحسب، ثم تذكر ما تعرضت له أو ما تعرض له أقرباؤك أو جيرانك من بلطجة، لتتيقن من أن حاكمنا الفعلى هو «عبده موتة» وأن الترامادول هو إكسير هذا العصر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة