فاطمة خير

عن السعادة الافتراضية.. والعوالم الحقيقية

الثلاثاء، 09 أبريل 2013 12:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما الذى يدفع أشخاصاً سعداء إلى الركض نحو عوالم افتراضية ؟!، فى الحقيقة، التعساء وحدهم يفعلون ذلك، من يهرب من الأرض متصوراً أنه يذهب نحو السماء، فى حين أنه يترك الأرض ليذهب إل السراب، هو شخص يستحق الشفقة، ولا أدرى هل هى نعمة أم نقمة، تلك التكنولوجيا التى منحتنا إياها الحياة؟؛ فالقدرة المذهلة على التواصل التى امتلكناها بسبب الشبكات الاجتماعية على الإنترنت؛ هى نعمة حقيقية بلا شك، هى معجزة بلغة أهل الأزمنة السابقة، ولم نذهب بعيداً، فلو أننا تصورناها من عشرين عاماً مثلاً، لاعتبرناها خيالاً علمياً لا أكثر؛ إلا أنها من ناحيةٍ أُخرى، تبدو كلعنةٍ مؤكدة، ففى حين أنها أنهت البعد الجغرافى الذى فرضته علينا ظروف الحياة، كجيلٍ لم يختر من مصيره الكثير؛ على جانبٍ آخر أخرجت الخواء الكامن، الذى برع أصحابه فى إخفائه تحت أقنعةٍ محكمة من السعادة المزيفة.
فرح أبناء جيلى تحديداً، منذ سنوات قريبة، حين اكتشفنا المنحة التكنولوجية التى تصل ما قُطِعَ من ودٍ بين الصحبة، حين تنهار الجغرافيا وتختفى الحدود، ويعود «الونس» الجميل، بلا تكلفة مادية، ولا تكلف فى التواصل، استمتعنا وفرحنا، فنحن الجيل الذى حرم من صحبة الأصدقاء مبكراً، بسبب البحث عن فرصة.. مجرد فرصة لأكل العيش، ونحن الجيل الذى داهمته التكنولوجيا وهددت فرص عمله، فأخذ يلاحقها كى يحمى نفسه من التقاعد المبكر الإجبارى، لكننا اكتشفنا أن للتكنولوجيا وجوها أُخرى، مفرحة وممتعة، لكن.. وآهٍ منها هذهِ الكلمة كالعادة، بعد فترة من «اللعب» اكتشفنا أن هذا التواصل، فى جزءٍ كبير منه، قد مس فراغاً لا تسده التكنولوجيا، فقد ذكرنا بأن الوحدة تهل علينا بثقلها وقسوتها، بمجرد أن تغلق جهاز الكمبيوتر (أياً صار اسمه.. موبايل، آى باد، تاب)، وأنك وحدك.. وحدك، تواجه الوحشة مجدداً.

لنلعب هذهِ اللعبة سوياً: مر أنت بنفسك على «ستيتيوس» أصدقائك على شبكة الفيس بوك، واحسبها بنفسك.. نسبة السعداء إلى التعساء، أو بمعنى آخر.. من يصدرون لك تعاستهم، ومن يشركونك فرحتهم، فى الأغلب (ولا أريد أن أجزم) ستجد أن الأصدقاء لا يتذكرون سوى طرح آلامهم، لأنهم ببساطة حين يفرحون، سيكونون فى حالٍ تمنعهم عن البحث عن أزرار «الكيبورد»، سيتشاركون الفرحة حينها مع أشخاصٍ من دمٍ ولحم.
السعادة.. فعل يُمارس ويُعاش، لا فعل يُتَخيل.

اترك جهازك لمهام أُخرى، غير البحث عن السعادة، اتركه للعمل مثلاً، للتواصل مع حركة المجتمع، للتعرف على أحوال الأصدقاء والمعارف، لا لمشاطرتهم المشاعر، ولا البحث عن قصة حبٍ جديدة.

لم تبحث عن السعادة فى خيالك، بينما هى موجودة بحكم طبيعة الحياة وقوانينها، تختبىء وتنتظر من يوقظها، كل ما هو مطلوب: الحركة والإرادة والعزيمة.
اترك عوالمك الافتراضية.. وابحث عن السعادة.
«السعادة.. فعل يُمارس ويُعاش، لا فعل يُتَخيل».








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة