يوم السبت الماضى شب خلاف بين مسلمين ومسيحيين «والكل مصريون» بمدينة الخصوص فى شبرا الخيمة، وكالعادة فى مثل هذه الخلافات كانت المحصلة لتلك المصادمات أربعة قتلى وخمسة مصابين وحرق واجهة الكنيسة وثلاثة منازل وثلاث صيدليات وعدد من السيارات يملكها مسيحيون، وهنا وفى ظل هذا المناخ الملبد بالطائفية والمشبع بالسلوك الطائفى والذى أصبح من سماته ذلك الفرز الطائفى الذى يميز بين المسلم وبين المسيحى تصبح الفتنة الطائفية التى طالما حذر الجميع منها أقرب إلينا من حبل الوريد، فهل هى فعلاً فتنة طائفية؟ نحن ضمن من حذر منذ عام 1992 فى كتابى «من يمثل الأقباط الدولة أم البابا؟» من تصعيد المناخ الطائفى حتى لا نصل إلى الفتنة الطائفية، ومن الواضح أنه لا أحد اهتم بهذا الموضوع بالرغم من خطورته على سلامة الوطن بكامله، حيث إن نظام مبارك لم يكن قادراً على التصدى لمشاكل الأقباط لأنه لم يمتلك أية مصداقية جماهيرية وسياسية فى الشارع السياسى ذى الأغلبية العددية المسلمة خاصة فى السنوات العشر الأخيرة من عمره، حيث انتقلت هذه المصداقية فى كثير من أشكالها إلى التيار الإسلامى خاصة الإخوان المسلمين لعوامل كثيرة خاصة فى إطار العلاقة الإسلامية المسيحية، تلك العلاقة التى تاجر فيها وبها جميع التيارات المتطرفة هنا وهناك حيث كانت كل الطروحات والحلول جميعها على أرضية طائفية مسلم - مسيحى، بما زاد من هذا المناخ الطائفى، حتى فى 25 يناير حيث تأجلت الخلافات الطائفية برهة فى مواجهة الهبة الجماهيرية ثم بعد خفوت وهج الهبة تصاعدت الحوادث الطائفية بدءا من حريق كنيسة أطفيح وحتى الآن، وهنا من المعروف عنى أننى وكنت وسأظل ضد ما يسمى المحاصصة الطائفية مهما كانت الأوضاع ولكن هناك ذكاء سياسى يحافظ على التوازن السياسى والمواءمة الوطنية، كما أن تلك الهجمة من السلوكيات والتصريحات الطائفية من قبل تيارات طفت على المشهد السياسى ولا علاقة لها لا بالمشهد ولا بالسياسة، أهمها إسقاط القانون وتعليق القوانين الخاصة فظهرت ممارسات الجماعة والأهل والعشيرة والقبيلة الشىء الذى يباعد ويقضى على الوطن والوطنية والمواطنة، ولذا وجدنا وعندما يكون هناك شبه خلاف بين مسلم ومسيحى أو لو هناك شائعة على غياب مسلم أو مسلمة تقوم جماعات التطرف المتاجرة بالدين أو غير الواعية للدين ومقاصده العليا العظيمة بالاعتداء على الكنائس وحرق كل ما تصل إليه أيديهم من ممتلكات الأقباط، وهناك الكثير والكثير، وهنا ومن نافلة القول الحديث عن قيم الإسلام ومقاصده، فإنى أعلمها وأعيها وأقدرها، ولكن الأهم هو وضع تلك القيم وتحقيق هذه المقاصد على أرض الواقع، القضية ليست قضية مواطنين مصريين مسيحيين لهم حق المواطنة على أرض وطنهم ولكنها أخطر من ذلك، فهى ورقة يتم استغلالها دائماً لتبرير التدخل خاصة فى ظل نظام يصف نفسه بأنه إسلامى بما يعنى أنه قادر على إقناع الشارع بالتشاركية والمعايشة بين المصريين حتى لا نعطى الآخر الحبل الذى يقوم به بشنقنا جمعياً, فمسؤولية الإخوان هنا أهم وأخطر من مسؤولية مبارك، لأن ما يحدث للأقباط سينسب للأسف إلى الإسلام وهو منه برىء، فهل نحتاج إلى مصائب أكثر مما نحن فيه؟ لك الله يا مصر بشعبها الذى لن يتركها تحرق أبداً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة