جنرال مخضرم خاض كل حروب مصر، تربطنى به صلة صداقة وجوار، وتجمعنا لقاءات متباعدة، أشار لى بينما كنت أهم بمغادرة منزلى، ودعانى لفنجان قهوة بلهجة آمرة هى إحدى سمات شخصيته التى يحبها أصدقاؤه، وكل من يعرفونه عن قرب، ولم يهدر الرجل وقته بل تحدث بغضب عاصف عن تصريح منسوب لعضو مجلس شورى جماعة الإخوان محيى الدين الزايط، قال فيه إن «جيش مصر عظيم لكنه يحتاج لقيادة».
كان الجنرال يمسك بالصحيفة ويداه ترتعشان قائلا: أنت صحفى ورسالتك يجب أن تصل للجميع وأولهم هذا الرجل، لهذا أرجوك أن تقول له ما سيتعفف قادة الجيش الحاليون عن قوله: «إن مصر بلد عظيم، لكنه يحتاج لرئيس تلتف حوله الأمة، فلا يمزقها، ولا يكون أداة بيد جماعة تحكم من خلف ستار، قل له إن المصريين ليسوا أغبياء ويعرفون من هو الحاكم الفعلى، وكيف يُصنع القرار، ولن يقبلوا التغول على مؤسساتهم السيادية.
قل له ولغيره إن الجميع يرون تحرش «الإخوان» بالجيش والقضاء والأمن والإعلام والأزهر والكنيسة، وأن كل مخططاتهم مكشوفة، لكن الجماعة تتذاكى على الناس، وتمضى قدماً فى مخطط سيقود البلاد للخراب، وأن أبناء العشوائيات والفقراء لم يقولوا كلمتهم بعد، وحين يحدث ذلك ثق أن جيش مصر لن يقف متفرجاً على الفوضى والاقتتال الأهلى، لا سمح الله».
كان الرجل الذى يقف على تخوم الثمانين يتحدث بحرقة، لكن بصلابة وحسم، مؤكداً أنه لم يعد يفصله عن لقاء ربه سوى أيام معدودات يعلمها الله تعالى، لكنه يشعر بالعار أن يترك لأبنائه وأحفاده وطناً أفنى عمره فى الدفاع عنه، تلهو به جماعة لا يعنيها سوى (التمكين) من مفاصل الدولة.
لم أجد أى كلمات أعقب بها على المحارب القديم، فقد اختزل المشهد المحتقن بعبارات واضحة هى سمت المقاتلين الشرفاء الذين لا يمارسون المواءمات والالتفاف حول الفكرة، وكل ما قلته له إنهم لا يقرأون ولا ينصتون سوى لأنفسهم، وكل ما يمكننى عمله أن أنقل رسالتك لتكون «كلمة حق» فى وجه سلطان تائه، ندرك جميعاً أنه لا يملك الكثير من أوراق اللعبة، بينما يقف «بارونات المؤامرات» خلف الكواليس ليمارسوا غواية التحرش بكل مؤسسات الدولة، واستخدام هذا الفصيل تارة، وذاك التيار تارات، وإننا على عتبات «مواسم» أخشى ألا تكون مبهجة، بل سيكون عنوانها: استمتعوا بالسيئ فالأسوأ قادم. والله غالب على أمره.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة