الأسماء التى تشكل النخب على مدى التاريخ، قليلة، ومن حقنا أن نحتفى بها فهى على المدى تتحول إلى شموس تضىء سماواتنا، وبراكين فعالة نتعلم منها الثورة والحركة والنهوض هذا المثل ينطبق على السفير أحمد قطان، تذكرت الكلمات وأنا فى طريقى إلى مكتبه بالمبنى الجديد بالسفارة السعودية بالقاهرة، فهو رجل أعتبره جاء فى موعده وفى الوقت المناسب ليستكمل مسيرة ود وتواصل الشعبين المصرى والسعودى، ولكى يؤصل العلاقات بما يضمن ألا يتدخل أحد فيفسدها، ومنذ أن بدأ عمله بالقاهرة وهو ينجح بحسه القومى الوطنى فى اجتياز مجموعة من الأزمات التى تشتعل بين وقت وآخر، لأنه اشتهر بحسه الدبلوماسى فهو طويل البال ويعتمد على الحكمة فى إدارة الأمور، ولا يستعجل النتائج، وقد عمل فى أكثر من موقع فى العالم بدءاً بالعاصمة البريطانية لندن ثم العاصمة الأمريكية واشنطن، وغيرهما وطوال فترة عمله الممتدة واجه عنفوان الكثير من الملفات الساخنة التى لا تهدأ أبداً فى هذه المواقع المشتعلة، كما أنه عرف ما يدور خلف الكواليس، ولهذا فهو مميز باقتدار ووعى بين ما هو شخصى وبين ما هو مهنى، بين حفظ كرامة الآخر، وتقدير كرامة الوطن، فنفذ ببراعة سياسة بلاده لقطع الطريق على المدسوسين، فحول أحلك الملفات وأشدها أزمة إلى حالة من السلام والتعايش.. أتذكر كل ذلك وأنا أنظر إلى المبنى العريق وأرى بنفسى المنظر العشوائى الذى يتكرر بين الحين والآخر ويصل إلى إلقاء البعض غير المسؤول بالطوب على السفارة السعودية، فى حالات احتجاجية غريبة تحزننى وتدهشنى وتستفزنى وأعيش بعدها فى حالة اكتئاب، فكيف يمكن أن يحدث ذلك فى هذا المكان، وهو يمثل أكبر سفارة يتعامل معها المصريون، يومياً، وصحيح أن ما يحدث من بعض المتظاهرين غير المسؤولين لا يمثل المصريين.. ولكنها تشير إلى تصرف خاطئ، خاصة أن السفير أحمد قطان يتابع بنفسه وبدقة وبحنكة كل مشاكل المصريين المتعلقة بالسفارة السعودية ولولا إدارته الواعية لحدثت كوارث كثيرة نحن فى غنى عنها، والرجل يفعل ذلك ليس لمجرد حل مشاكل خاصة بقدر ما هو يربط بين الشعبين الشقيقين وبين مصالح مشتركة بينهما، ولهذا فهو لا يكتفى بهذا الدور برغم أنه دور أسمى، ولكنه يسعى بإخلاص لدعم التبادل الاقتصادى بين مصر والسعودية، وتشجيع الاستثمارات بينهما من خلال تعاون على مستوى عال يليق باسم البلدين وقد شهدت مصر بالفعل بوادر هذا التحرك الإيجابى بعد أن استضاف السفير السعودى خمسين مستثمرا سعوديا وقابلوا الرئيس الدكتور محمد مرسى، وهى مبادرة أعقبتها مجموعة محاولات لربط الاستثمارات بين البلدين على أعلى مستوى وهو يدفع أيضاً رجال الأعمال السعوديين لتبنى استثمارات فوق أرض مصر وفى المقابل يسعى لرفع أى أزمات وتوابع الروتين، وعرقلة المشكلات التى يحاول المدسوسون زرعها فى طريق الشعبين، فالرجل يعرف أنه واجهة السعودية فى مصر، ولهذا فهو يتصرف بحجم مسؤوليته الكبرى وبحكمة وثقة ودبلوماسية يعرف أننا سنصل إلى أفضل الحلول.. ولهذا فإننى أحزن جداً حين أشاهد التظاهرات غير المسؤولة ضد السفارة السعودية فى القاهرة، ولا أعرف معنى لاختلاق هذه الأزمات التى تتكرر بلا هدف سوى تشويه صورة العلاقة بين البلدين، حتى أصبحت العشوائية فى كل مكان، وكأنها إحدى أهم مخلفات الثورة، وهى آفة لابد من ملاحقتها حتى لا تمتد لتحرق الأخضر واليابس معاً.. فالذى يتكرر ويحدث أمام السفارة السعودية كما قلت غير طبيعى وغير منطقى، لأن السفير قطان معروف عنه حبه الشديد للشعب المصرى، لقد تمكن خلال فترة إقامته فى مصر - الممتدة بإذن الله - أن يحتوى الشخصية المصرية، بكل ما تملك من تاريخ وتغيرات وطموح لدى شبابها نحو تحقيق أحلامهم.. فهو صاحب خبرات كبيرة وحين يصب هذه الخبرات فى عمله الحالى.. فإننا نكسب تعايشاً آمناً بين بلدين هما أقرب البلدان العربية، لأن تاريخ السعودية ومصر معاً قديم منذ الفتح العربى لم تشبه شائبة ولم تتمكن منه أيادى الخبثاء أبداً..
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة