المشكلة الطائفية مشكلة مجتمعية وليست فردية، أى أن المدخلات التى تؤججها وتصعدها وتعمقها كثيرة ومتعددة، كما أنها مشكلة زمنية تراكمية منذ قرون ليس عقودا، بما يعنى تأثرها بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية طوال حقبات التاريخ وفى كل الأنظمة السياسية بالسلب والإيجاب، وإن كان السلبى أكبر كثيراً من الإيجابى بما جعل حلها يتم أيضاً بطريقة التراكم الإيجابى السريع، ولذا فبالرغم من يناير الذى وحد ووفق وجمع كل المصريين نحو هدف واحد، كان من الطبيعى أن تنسحب خصائص المشهد السياسى منذ سقوط مبارك وبالأخص عند وصول مرسى، على هذه المشكلة، فحالة الفوضى الضاربة فى أطناب المجتمع، وسقوط القانون وضياع هيبة الدولة وضعف الحكومة وارتباكها وانتشار مبدأ أخذ الحق باليد لا بالقانون، والتفرقة بين المصريين، والتفرقة ليس بين المسلمين والمسيحيين ولكن بين المصريين مسلمين ومسيحيين وبين من هم تابعون للتيار المسمى بالإسلامى، فهنا قد ضاعت الآمال فى الثورة وملأ اليأس القلوب نحو أى تغيير للأحسن، فبدلاً من انتظار حل مشاكل الأقباط فى الإطار السياسى والوطنى وجدوا تدهوراً كبيراً وممارسات طائفية تتجذر وتتصاعد فتزايدت المشاكل الطائفية بشكل غير مسبوق دون حساب ولا تطبيق للقانون، بل وجدنا قنوات ومنابر وقيادات تكفر الآخر وتزدرى دينه، وهنا لابد من أن نرصد ظاهرة مرتبطة بهذه القضية وهى خروج تيارات من الشباب المسيحى خارج أسوار الكنيسة يمارسون الشكل الثورى ولكن فى ثوب طائفى، أى انتقال الشباب من الممارسات الطائفية داخل الكنيسة إلى نفس الممارسات خارجها، بما أضاف تراكماً مضاداً عند التيارت المختلفة التى لا تقبل الآخر والتى اعتادت على سلبية الأقباط وعدم مشاركتهم السياسية واختصارهم فى الكنيسة حتى وجدنا من هم مرتبطون بالسلطة وبالإخوان يستكثرون هذه المشاركة ويزعمون ويدعون أنها ضد المشروع الإسلامى لا ضد النظام كمعارضة شرعية وقانونية، حيث إن الإخوان قد دأبوا على ربط مشروعهم بالإسلام زوراً، وهنا لا نسقط حادثة ماسبيرو والتى أحدثت تغييراً نوعياً نحو تبنى مبدأ رد الفعل الإيجابى وليس السلبى، ذلك التغيير الذى بدأ يتزايد منذ حادثة نجع حمادى يناير 2010 مروراً بحادثة العمرانية وحتى حادثة كنيسة القديسين يناير 2011، خاصة بعد المواجهات الدامية بين المصريين فى كل المواقع التى أسفرت عن شهداء ومصابين بما جعل المواجهات المسلحة تدخل حياة المصريين وعلى كل الأصعدة، وفى هذا المشهد وفى ذاك المناخ لا ينفصل المسيحيون عن المسلمين، فالكل مصريون، والديانات ترفض العنف وتدعو للحب والتسامح وقبول الآخر، وكلنا نشاهد الآن تلك الازدواجية بين حالة التدين الشكلى والارتباط بدور العبادة، وبين هذه السلوكيات التى لا علاقة لها بأى قيمة دينية، هنا قد أخذ الخطر الحقيقى دوره فى المشهد السياسى والطائفى، فوجدت شابا مسيحيا كان معى فى برنامج بقناة الجزيرة مباشر مصر بعد أحداث الكاتدرائية وهو من شباب ماسبيرو يعلن أنهم قد استعملوا السلاح بعد تقاعس الشرطة عن حماية الكاتدرائية، هذا هو الخطر الذى يجب أن نتحاشاه فوراً، مع العلم وهذا ليس تبريراً فموقفى وصراحتى معروفة ولله الحمد، فالكنيسة لا ولن تكون طرفاً فى هذه الممارسات على الإطلاق، ولذا نقول: على الشباب القبطى أن يمارس السياسة بعيداً عن الرموز والمسمى الطائفى، وبعيداً عن الكنيسة، لأن هذا هو تأكيد للدولة الدينية والضرب فى أسس الدولة المدنية، فالحل سياسى ومجتمعى ومن كل المصريين، وعلى أرض مصر، وبعيداً ولا عودة للكنيسة حتى لا توضع فى وضع لا تريده ولا يرغبه قداسة البابا الجديد، فالكنيسة ضد العنف ولا علاقة لها به وهى لا دور سياسيا لها فلا تقتحموها ولا تعيدوا التاريخ، ولا حقوق بعيداً عن مصر وبمصر ولمصر كل المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة