المؤكد أن هناك أزمة بين التيارات الدينية فى الوقت الراهن، هذه الأزمة عبر عنها بعض الإخوة من التيارات السلفية الممثلون فى حزب النور، بخلافهم مع جماعة الإخوان والحكم بشأن محاولات أخونة الدولة المصرية.
لكن هناك فى الأفق ثمة خلاف آخر برز على السطح منذ أن زار الرئيس مرسى إيران عند توليه مهام منصبه، واستفحل فى الأيام القادمة مع قرب عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين مصر وإيران وتبادل محتمل للسفراء بين البلدين، وهو ما يرتبط بالتشيع، أى الخوف من قيام الإيرانيين بنشر المذهب الشيعى فى مصر. وهنا يصاب المرء بحزن عميق على ما وصل إليه حال مصر والمصريين، ولنا أكثر من سؤال نأمل أن يقوم الإخوة السلفيون ولهم كل تقدير واحترام بالإجابة عنها فى وسائل الإعلام المختلفة، حتى نستطيع أن نتحاور ونقدم لمصرنا العزيزة كل جديد، ونربأ بمذهبنا السنى العظيم الذى نفخر به، أن نقع فى أية أخطاء.
أولاً: فى ملف عودة العلاقات الدبلوماسية: -
1- هل يصح أن نقيم علاقات دبلوماسية مع الدول على أساس الدين أو الخلاف المذهبى؟ فمصر لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وهى دولة يهودية، ولها علاقات مع فيتنام وهى بوذية، ومع كوبا وهى ماركسية، ومع الفاتيكان وهى مسيحية، والمؤكد أن مصر ليست حالة خاصة فكل دول العالم المتمدين تقوم بذلك.
2- هل من الممكن أن تقيم إيران علاقات دبلوماسية مع كل بلدان العالم بما فيها دول الخليج، باستثناء إسرائيل وأمريكا فقط، ثم نقوم نحن بقطع علاقاتنا بها؟!
3- ألا تشكل إيران مهما كان عمق الخلاف معها رصيدًا لنا فى المواجهة بين بلدان العالم الثالث أو المستضعف أو الإسلامى أو عدم الانحياز أو النامى (قل ما شئت) وبين قوى الاستكبار الصهيونية والأمريكية؟ خاصة فى هذا الوقت الذى يكبل فيه العالمان العربى والإسلامى، إذ تقيد مصر والأردن بمعاهدتى سلام مع إسرائيل، وتسقط فيه سوريا بسبب أحداثها الحالية، وينهار فيه العراق بظروفه البشعة، وتهود فيه القدس، وتهيمن الولايات المتحدة على قواه الاقتصادية..إلخ.
4- هل من الصحيح من الزاوية الأخلاقية أن يقوم البعض بمحاصرة مقر رئيس البعثة الدبلوماسية الإيرانية بالقاهرة، ونسبه ونهيل عليه الاتهامات والانتقادات، ونحن بلد حضارة قديمة عرفت باحترام الآخر، ناهيك عن أننا خارجون للتو من ثورة يفترض فيها نبل القيم والأهداف؟
ثانيا: فى ملف التشيع: -
5- ماذا فعلت مصر عندما أراد الفاطميون أن تشيع ويقوم هؤلاء بتأسيس الأزهر كى يكون مصدرا لهذا التشيع؟ ألم يقم المصريون بصبغ الأزهر بصبغتهم وطلائه بطلائهم العقيدى السنى، حتى أصبح منارة وحارسا لكل من تسول له نفسه للمساس بعقيدة المسلمين السنية؟
6- هل استطاع نحو 4 ملايين حاج ومعتمر شيعى، يقدمون إلى المملكة العربية السعودية سنويًا، أن يؤثروا فى المذهب السنى الوهابى فى السعودية؟ هؤلاء يقدمون من إيران وباكستان وتركيا والعراق وهى أكبر دول بها أعداد ونسبة عالية من الشيعة. قد يقول قائل إن المملكة تنظم تلك الرحلات بقدر كبير من الدقة. هنا يصبح الحوار أكثر جدية، بأن وضعنا الأمنى الحالى بالفعل ليس على ما يرام، لكن أليس من الأفضل أن نحسن هذا الوضع ونضع قواعد تنظيمية شبيهة لقدوم السياح الإيرانيين إلى مصر، كأن ننظم تلك المسألة من خلال تأشيرات دخول مؤقتة، ونمنع الإقامة الدائمة، وأن يتم ذلك كله عبر شركات سياحية وليس من خلال قدوم عشوائى للأفراد.
7- من حيث الشكل: هل من الممكن أن يؤثر بضعة آلاف من السياح القادمين لمصر من إيران فى جموع غفيرة من المصريين تقدر بالملايين؟
8- من حيث المضمون: ما هو المغرى فى المذهب الشيعى حتى يفتتن به المصريون؟ أعتقد لا شىء على الإطلاق، لا فى الصلاة ولا فى الزواج ولا فى التعامل مع آل البيت..إلخ.
9- لماذا لا يقوم أنصار التيارات الدينية المصرية السلفية والإخوانية عوضًا عن الانشغال بالصراعات السياسية بالعودة لمهامهم الدعوية النبيلة، والعمل بمبدأ خير وسيلة للدفاع الهجوم، بمعنى تسنين الشيعة بدلا من الانتظار أو الخوف من تشيع السنة؟ لا سيما وأن الآخرين كما قلنا عددهم محدود ومذهبهم ضعيف سهل اختراق أتباعه.
10- فى ظل حالة الاقتصاد المصرى الرث، هل من الممكن أن نحرم الاقتصاد المصرى من مورد مهم يتعلق بالسياحة الإيرانية؟ المؤكد أن الإيرانيين لن يهمهم كثيرًا السياحة الثقافية، ولا السياحة الترفيهية أو الشاطئية، ما يهمهم وسيعود بالمال الوفير على الخزانة المصرية هو السياحة الدينية، أى تمكين الإيرانيين من الذهاب لما يسمونه بالعتبات أو مراقد أهل البيت. وكما قلنا أن انتقال هؤلاء بطرق منظمة فى تلك الزيارات ومتابعة جهاز الأمن الوطنى لها بدقة، سيجعل كل طرف راضٍ عن وضعه.
وعلى الله قصد السبيل
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة