عندما ترى الكثير ممن حولك ممن باتوا يسمون بالنشطاء السياسيين من الفريق المدنى والفريق المقابل، وقد بدأت أفعالهم وسلوكهم تتجه إلى نوع من الإنفاق الشره وغير المبرر، علينا هنا أن نضع علامات استفهام حول هؤلاء.
منذ 25 يناير وحتى الآن، كثيرًا ما يجد المرء نوعًا من "الفخفخة" التى يعيش فيها البعض ممن يشنفوا آذان الكثيرين عن الثورة والعدالة الاجتماعية ويستميلوا البسطاء بكلمات عن الاستغلال والغلاء والدعم وغيرها من المفردات التى تدق على الوتر العاطفى للطبقات الدنيا. تلك الحالة يجب الوقوف عندها بعض الشيء. هنا نتذكر فيلم "لو كنت غنى" للمبدع أبو السعود الإبيارى، وتمثيل الفنان الكبير بشارة وكيم (محروس) الذى يبيع قضية العمال والفقراء، بمجرد أنه أصبح غنيًا. هؤلاء الذين نتحدث عنهم من النشطاء من هذا الجانب أو ذاك لم يصلوا يومًا إلى صدق محروس مع ذاته، بل استمروا فى تمثيلهم على العباد، فى مشهد يبدو للكثيرين سخيفًا إلى حد كبير.
قد يقول قائل وما دليلك على ذلك؟ هنا نحيل السائل إلى الشكل ومظاهر البذخ الذى يظهر به النشطاء من هذا الجانب أو ذاك على الرأى العام. خذ على سبيل المثال السيارات الفارهة التى يركبها هؤلاء المناضلون، والمناطق التى يسكنون فيها، رغم أن بعضهم لا يعمل عملا عامًا أو خاصًا. خذ أيضًا حجم الرواتب الخيالية التى يتقاضها من يعمل منهم والتى نسمع عنها دون أن ينفوا هم ذلك، وخذ مظاهر أفراحهم فى فنادق خمس نجوم، وغيرها وغيرها من أمور.
والغريب فى الأمر أن الغالبية العظمى من هؤلاء هم أسماء لا حول لها ولا قوة قبل 25 يناير. أدخل على موقع جوجل واستعلم عن أداء أى ناشط أو ناشطة من هؤلاء عام خلال الفترة من 2005-2010 لن تجد إلا الضحالة من الإسهامات الثورية. بعبارة أخرى، لا نقول إن غالبية هؤلاء نكرات، بل نقول إن غالبيتهم كان غير موجود من الأصل، مثلهم مثل أرباب الذقون الذين لا نعرف متى أطلقت ذقونهم، وكيف استطالت بهذه السرعة. النضال الثورى والقبض الثورى المجهول المصدر هو السمة العامة لغالبية هؤلاء.
بالطبع لا أحد يكره أن يعيش هؤلاء حياة كريمة. بعبارة أخرى، لا نريد أن نشهدهم بملابس لا تغادرها الرقع والبقع، لكن المهم هنا الاتساق والرغبة فى الشفافية، والعمل بذات الأقوال التى "تطرقع" لها الحناجر، وتتضعضع أمامها مشاعر البسطاء. قد يقول قائل وما الضرر طالما أن المال العام لا يمس، لكن الرد على هذا الأمر هو إنه طالما أن هناك استشراء للعنف وأن هناك شبه لتمويله، وشبه غسل أموال، فلا مناص من وضع حدود للتمويل الخارجى للحفاظ على كيان الدولة المصرية. يتساوى عنه الرقابة على المال الذى يتقاضاه "نشطاء الثورة"، مع المال الذى يتقاضاه ثلة قليلة من الإعلاميين، مع المال الذى ينهمر من الخارج لبعض منظمات المجتمع المدنى العاملة فى المجال السياسى، مع المال الذى يدخل جيب جماعة الإخوان المسلمين. هذا الأمر الأخير أصبح مهمًا، ويسعى الإخوان إلى التملص من الإجابة عنه. هنا نشير إلى كلمة السر فى التملص وهى "الهيئة الجامعة" التى أضافها الإخوان فى مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد فى توصيف جماعة الإخوان، ورفضهم رقابة الجهاز المركزى للمحاسبات على أموال الجماعة باعتبارها أموالا خاصة لا عامة.
غاية القول إن هناك حالة سيولة على كافة الأصعدة، وإن من المهم إعمال القانون على الجميع، خاصة أن هناك من يتربص بهذا البلد من الخارج، ورغبة من قلة فى الداخل فى التربح غير المشروع على حساب أمن الوطن والمواطن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة