«مقاطعون»، يالها من كلمة سهلة وآمنة، تكفل لمن يقولها «صك الوطنية»، وتحول دون اتهامه بخيانة دماء الشهداء والثورة وغيرها من التهم المغلظة. وماذا بعد؟
جواباً على هذا السؤال ستسمع لغواً كثيراً عن «الثورة المستمرة»، و«العصيان المدنى»، لكن الجماعة ماضية فى تنفيذ سيناريو الانتخابات حتى بعد حكم المحكمة الإدارية بإلغاء قرار مرسى بالدعوة لانتخابات مجلس النواب، وإحالة قانون الانتخابات للمحكمة الدستورية للتحقق من صحة تطبيق الملاحظات التى سبق أن أبدتها، وهو ما سيؤجل إجراء الانتخابات، لكنه لن يلغيها، بل سيعيد النظر فى بعض مواد القانون، وفقًا لما يتراءى للدستورية، لكن هناك «ترزية قوانين» الإخوان بالشورى لن يعدموا الحيلة، وعلى أية حال لن تجرى الانتخابات قبل شهور. هكذا يبدو المشهد السياسى قبل الانتخابات محاصراً بمناخ محتقن ومنقسم، سواء بين الإخوان وحلفائهم وخصومهم، وأيضاً لدى القوى المدنية حيال عدة قضايا كالمقاطعة والبدائل التى نتمنى أن تتبناها بحنكة.
من يدعون للمقاطعة لديهم مبررات منطقية ووجيهة، لكن ليست لديهم سيناريوهات واضحة لما بعدها، اللهم إلا الحديث عن الرهان على الشارع، الذى فاض به الكيل من نظام حاكم فاشل لا يملك مشروعاً سوى التمكين من جميع مفاصل الدولة، وإعادة إنتاج نظام مبارك لكن «بدقن وجلابية» ونمضى فى المكاشفة، لنرصد أصواتًا فى الشارع ضاقت ذرعًا بأداء المعارضة التى تعانى «أمراض النخبة»، فبعض من ينادون بالمقاطعة «عصروا الليمون» واختاروا مرسى، خشية أن يعيد منافسه شفيق إنتاج نظام مبارك، لكنهم كمن فوجئوا بأن «مرشح الليمون» هو الذى فعلها متذرعًا بأداء سياسى مراوغ ومتكئًا على «شرعية مشبوهة». عصرت النخبة على نفسها الليمون مرات كافية، لتدرك أنه لم تعد هناك سوى خطوة أخيرة، تعمل فيها جماعة الإخوان بإصرار لحشد أنصارها لصناديق الانتخابات تحت شعار: «استكمال بناء مؤسسات الدولة»، بينما تتصاعد الاحتجاجات الشعبية، وتحاصر وزارة الداخلية أزمات تجعل مسألة قدرتها على تأمين الانتخابات موضع شك، خاصة فى ظل الاحتقان المجتمعى، والانقسام العميق بين الشعبين: «المصرى، والمرسى». تبقى أسئلة مشروعة: لماذا لا تسعى القوى المدنية لاستغلال الفرصة للعمل على ترجمة النسبة الكبيرة التى لم تنتخب مرسى لمقاعد فى البرلمان، وتراجع ثقة الشارع بالإخوان؟ وماذا يمكن أن يفعل «حزب الليمون» إذا تمكنت الجماعة من إجراء «كرنفال انتخابى» تحصل بعده على أغلبية تمنحها حق تشكيل حكومة إخوانية، استناداً للصلاحيات الواسعة التى يمنحها الدستور؟ وإلى أى مدى يمكن أن تتواصل موجات الغضب الشعبى؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة