فاطمة خير

عودة الروح.. وعصفور النار

الثلاثاء، 05 مارس 2013 06:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحتاج الروح كثيراً لترميمها، أكثر وأبعد مما يحتاجه الجسد، غريبةٌ هى هذهِ الحياة! أغرب من قدرة العقل على الاستيعاب، وأثقل من قدرة الروح على التحمل.
أثقل.. وأبعد، لكن قدرنا أن نحياها كما هى، بقوانينها التى لم نخترها.
ترحل الروح مع أول مواجهة، قد تغادر إلى الأبد فتتركنا جثثاً بلا حياة، نسير ونركض، نجوع ونشبع، نتوهم الحب ونتزوج، ننجب أطفالاً نورثهم الخواء، وتمضى حياة نتصورها، حتى تحين لحظة الفراق الأخير، ونكتشف وقتها أننا حتى لم نسأل أنفسنا: هل عشناها؟ أم لا؟!.
كيف تفرح وحولك الأحزان؟ كيف تحب ومن حولك يحيون بلا قلوب؟! كيف تتألم وأنت لا تميز أصلاً بين الوجع والسلام؟ كيف تنتج ومن حولك تستوطن البطالة؟ كيف تصطاد الروح إذا ما أوشكت على الرحيل؟ وكيف تعرف أن إشارات هروبها توشك أن تورثك ألماً لا يحتمل؟.
لكنها.. كما الحياة تبادرك بحلولها المفاجىء، ترويك بمائها وقت أن أيقنت بأن السراب وحده هو ما يحيط بك، ألم أقُل.. غريبةٌ هى الروح، حقاً هى من أمر ربى.
تعود الروح لتمنحك فرصةً، تظن فى كل مرة أنها الأخيرة، فيدفعك تكاسلك إلى الاستسلام لليأس، وتنتهى الرحلة، هكذا يفعل أكثرنا، وحدهم من يحملون البذرة فى أعماقهم يدركون أنها فى كل مرة فرصة جديدة، فمعجزة الحياة أنها تولد دائماً وبلا توقف، هكذا هى حتى قيام الساعة، هؤلاء هم من يحملون سر البشرية، ومن تستمر ذرياتهم لتعمر الأرض، وتسعد السماء.
تحتاج الروح إلينا لكى تحيا، بل أحياناً تحتاج إلى النار، تصوروا!! فالنار تطهر من الخطايا، ومن الألم، ومن التقصير فى حق الروح. أدهشنى سر النار حين شاهدت مجدداً الحلقات الأخيرة من ذلك المسلسل الذى أثار حماسنا فى نهاية ثمانينيات القرن الماضى «عصفور النار»، من تأليف العبقرى أسامة أنور عكاشة، وإخراج المبدع محمد فاضل، حين تألقت الفنانة فردوس عبدالحميد والراحل العظيم محمود مرسى، ليرسما عبر لوحة فنيةٍ وحوارٍ معجز، ما يليق بأيامنا هذهِ، وكل الأيام، وكأن كل الألم واحد، وكأن قدرة الآلام على التوالد أكبر من قدرة الفرح على الفعل نفسه!.
يمر عصفور النار على البيوت فيحرقها؛ لكنه يمر على الروح فيطهرها، ويمنح النفس فرصة أن تولد من جديد، يرى البعض العصفور ناراً تحمل النهاية، ويراها آخرون نوراً يهدى مجدداً إلى الطريق. يطير العصفور، وتظل النار مشتعلة، تهبط على البعض رماداً، وعلى البعض رحيقاً.
وتبقى مصر هى البيوت مكشوفة الأسطح، يمر العصفور فينثر الرماد، أو الفرح، يتوقف ذلك على رؤية أهل البيت، وعلى الطريقة التى يستقبلون بها العصفور: عصفور النار.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة