لم أكن أتخيل أن ساعة ونصف الساعة، هى عمر ندوة الدكتور أسامة كمال محافظ القاهرة، والتى شاركت بالحضور فيها، تحمل كل هذا التفاؤل والأمل نحو غد أفضل، دخلت القاعة محملاً بكثير من العبء وأثقال الأزمات اليومية ما بين حوادث مؤسفة وبين أخبار لا تبشر بخير، الأمر الذى وصل بنا إلى حالة من الاكتئاب.. ولكن كلام الدكتور أسامة كمال أدخلنى إلى عالم آخر، جعلنى أعيش فى تفاؤله وأقتنع بأنه لا مستحيل فهذا رجل يرفض هذه الكلمة.. فبرغم العشوائيات المنتشرة فى المحافظة والاحتقان المرورى والمخالفات وعدم وجود نظافة بالشكل الكافى وغير ذلك.. فإن المحافظ المسؤول عن عشرة ملايين نسمة هم سكان القاهرة يرى أن التخطيط السليم والرؤية المستقبلية هى التى يمكنها أن تحسم كل المشاكل وتصل بنا إلى بر الأمان، تحدث الرجل وبهرنى عن خطة سريعة الأجل خلال أسبوعين وخطة بعيدة لعام 2030 تكون خلالها القاهرة عاصمة جميلة قوية للعالم العربى وتليق بمكانتها.. يتسم أسامة كمال بالبصر والبصيرة والخبرة القوية التى تؤهله لأن يغير، وبمجرد جلوسه على مقعد المسؤولية منذ ستة شهور فقط، بدأت فعالياته.. هو يسعى لتخفيف الأعباء عن الوزارات الكامنة وسط العاصمة، لأن تكدس الوزارات هو حجر الزاوية لأغلب الاختناقات المرورية والإدارية ويخطط محافظ القاهرة لخريطة جديدة لميدان التحرير وقصر العينى وشارع المعز لدين الله والذى يرى أنه امتلأ بالتعديات والمخالفات الصارخة، وهى بداية جديدة للقاهرة.
ثم بعد ذلك الدخول إلى مشاكل المناطق العشوائية والباعة الجائلين، والقضية التى يدير بها المحافظ حلوله لا تنبع من القانون فقط، بل هو يبحث عن حلول إنسانية تدعم القانون وتؤكده.. فهو يرى أنه لابد من توفير أماكن للباعة الجائلين وتقنين سير خط سيارات التكتك بحيث يسمح لها فقط بالوصول إلى الأماكن التى يتعذر دخول عربات عادية إليها.
ثم التخطيط لنظام جديد للنظافة، من القمامة التى تملأ الشوارع، بل تشكل خطورة على الصحة العامة، وهناك تعديات على حرمة النيل وهذا خطر ويعترف المحافظ أن التحدى الوحيد الذى يواجهه هو الأمن لأن تراجع الأمن هو الذى يحول دون تنفيذ هذه المخططات، فهناك مخالفات لابد أن يرافقها الأمن خطوة بخطوة مثل التعدى على الآثار، والعمارات المخالفة التى تستغل تباطؤ الدراسات الأمنية، وتنتهى من بنائها فى غفلة من القانون الصحيح، فالمؤسف أن هناك من استغل الثورة استغلالاً بشعاً من المخالفين وتمادوا فى إبعاد القانون عن موقع الأعمال.. كل هذا كان كشفا لروشتة العلاج التى يكتبها الدكتور أسامة كمال والتى من خلالها يمكن أن نعبر من أزمتنا الحالية، والرجل متفائل ليس من فراغ ولكن من خلال العلم والعمل.. هو متفائل أن القيادات فى مصر اليوم تعتمد على الأمانة وليس مجرد الكفاءة.. إنه يرسم أفكاره بأسلوب علمى دقيق فهو مهندس إنشائى فى الأصل، تخرج فى كلية الهندسة جامعة عين شمس وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة أوهايو الأمريكية.. ولهذا فإن كلامه يعتمد على فكر عملى دقيق مدروس، ولهذا أيضاً فأنا لم أر مسؤولاً بمثل هذا التفاؤل بعد ثورة 25 يناير مثله، هو يعطينا الأمل أنه لا يوجد مستحيل.. لقد أدهشنى أسلوب الرجل بقدر ما أسعدتنى طريقة تعامله مع الأزمات، فبرغم سيل التساؤلات التى كانت تلاحقه فى الندوة من الزملاء الإعلاميين إلا أنه كان قادراً على تفنيد كل واحدة وتحليلها والتدقيق فى أجوائها لتخرج إلينا متكاملة.. نحس معها بأن هذا المناخ الذى يوفره محافظ القاهرة كفيل بإخراجنا من خيوط هذه المشاكل التى تحاصرنا كل يوم.. هو رجل لديه شجاعة وجرأة ويحب الوضوح بدون تزييف، حتى إننى قلت له فى نهاية اللقاء: أنت جبار، فالمسؤول الذى يتصف بمثل هذه الأوصاف قلما نجده فى هذا الزمن الملىء بالأزمات التى تحاصرنا ليل نهار، أما قمة ما يطمئننا فهو ما أكده من أنه مسؤول وطنى قومى مصرى غير محسوب على تيار محدد.. ويرفض ما يشاع عن قضية الأخونة.. ويرى أن الحل هو فقط العلم والعمل للوصول بمصر إلى المكانة التى تليق بها ولأنه يرى أن القاهرة ليست مجرد عاصمة مصر بل هى عاصمة العرب، فإنه من هذا المنطلق يتحرك ويخطط نحو شكل جديد ورؤية جديدة لقاهرة المعز التى يرى أنها لابد أن تكون أجمل وأعمق وأكثر حضارة وبهاء وحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة