افعل ما تريد، ثم اخلط الأوراق ببعضها؛ لتصف ما قمت به بما تشاء، ولن تدرك سوى قلة محدودة من الناس الفارق بين ما تتكلم عنه وما جرى على أرض الواقع، والسبب أن مصر كلها غارقة اليوم فى لعبة خلط المفاهيم الجهنمية التى أصبحت تلتهم فى طريقها الأخضر واليابس.
قل لى بالله عليك هل كان مقبولا لأى شخص فى مصر أن يبرر الاعتداء على شخص طاعن فى السن بالأسلحة البيضاء تحت أى مبرر قبل عدة أشهر؟! دقق فى صور معركة المقطم الأخيرة جيدا وأجبنى متى كانت النخوة والشجاعة المصرية تسمح للعشرات بأن يشعلوا النار فى إنسان أعزل سقط فى أيديهم لمجرد اختلافهم معه فى الرأى؟!
وبالمنطق نفسه، متى كان ضرب امرأة على وجهها عملاً يمكن تبريره وحتى لو كانت تحمل بيدها سلاحاً أبيض، فالشهامة المصرية تقتضى بأن يصبر الرجل على إيذاء المرأة مهما كان حجمه، بل وترك المكان لها إذا استدعى الأمر هذا هو الدرس الذى تعلمناه من آبائنا منذ وقت مبكر.
سقطنا جميعا فى بحار التبرير الدائم والمتواصل فكل فريق يرى على الدوام فى تصرفات أنصاره ومؤيديه صواباً لا يحتمل الخطأ، ويخوض معركة للدفاع عنها حتى اللحظة الأخيرة، وليذهب أمن الوطن واستقراره إلى الجحيم، رغم أننا جميعا نحفظ عن الأئمة عبارة "رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب".
ما سر كل هذه النشوة التى غمرت عددا كبيرا من القوى المدنية عقب إصابة عدد كبير من شباب الإخوان فى المقطم؟! وهل وصل الأمر بالبعض أن يفكر فى حسم معركته السياسية على طريقة خناقات الشوارع وحروب البلطجية.
يمكن لك أن تجلس فى غرفتك المكيفة وأنت تحتسى قدحا من الشاى؛ لتحصى أخطاء خصمك وتحمله خطايا ما كان وما سيكون ثم تضاعف من طاقة الغضب فى صفوف شبابك وأن توفر غطاء شرعيًّا لكل أعمال مهاجمة وحرق مقار الفريق الآخر، واستهداف شبابه بالخرطوش والأسلحة البيضاء لكن هل تعتقد أنك انتصرت بهذا؟
ربما تكون فعلا قد انتقمت لكنك أبدا لم تنتصر لأنك تخوض معركة سياسية على أشلاء وطن هذا ما تفعله اليوم القوى المدنية.
الإخوان حاصروا مقر المحكمة الدستورية وهاجموا الشباب الأعزل أمام الاتحادية كما أن الإسلاميين قاموا أيضا بحصار مدينة الإنتاج الإعلامى هذه هى الاتهامات الدائمة التى ترددها القوى المدنية والمفارقة أنها سكتت بدورها عن حرق مقرات الحرية والعدالة والإخوان ثم قامت عناصرها بالاعتداء على شباب الجماعة أمام مقرها بالمقطم.
كيف ترفض سلوكا وتقوم به بعد هذا، هل رفض القوى المدنية لسلوكيات الإخوان العدوانية تبرر لهذه القوى بأن تعطى غطاء لقتل 8 من شباب الجماعة بدم بارد أمام الاتحادية وسحل وحرق 200 آخرين أمام مكتب الإرشاد.
أقولها لله، يجب على الإسلاميين أن يعترفوا بعدد من الأخطاء التى وقعوا فيها خلال المرحلة الماضية، كما يجب على القوى المدنية وجبهة الإنقاذ أن تدين العنف بشكل واضح حقنا لدماء المصريين فكلها حرام.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة