تذهب النساء إلى العمل، وتعود النساء من العمل.
ترعى النساء الأطفال، فتكبر الأطفال وتنضج.
تطيع النساء المجتمع، وقد يرضى عنهن أو لا يرضى.
تستقبل النساء الحياة بقائمة مطولة من المحظورات.. دون اختياراتٍ مرفقة.
لكن.. لا أحد يرى النساء!
لا أحد يرى النساء إلا كأجسادٍ تستحق التحرش
لا أحد يرى النساء إلا حين الصعود فوق أجسادهن لاقتناص المكاسب
أو لاستخدامهن كأدواتٍ للمتعة
أو لتوظيفهن كماكينات إنجاب لذكور جدد وخادمات جديدات
والخدعة الكبرى.. حين تساق المرأة للعبودية باسم الأمومة، حين تستغل هذهِ المهمة السامية لإخضاع النساء لمنظومات متنوعة من القهر والاستغلال، تتفق جميعها فى أن المرأة مفعولٌ به لا بد، ولا يحق لها أن تحل كفاعل، برغم كونها فاعلاً أصلياً طوال الوقت!.
لا أحد يعرف النساء: المريضات، العاجزات، الطاعنات فى السن، الفقيرات، الجاهلات، المهجورات، المطلقات، الأرامل، المعيلات، فالكل يفضل الشابات الجميلات، اللاتى لا يزلن فى مقتبل الحياة، لم تفعل فيهن الدنيا فعلها، ولو أن ذلك لا بد حادث، فالمرأة التى تنجو من ظلم مجتمع متخلف هى محظوظة بشدة، وتلك حالة نادرة للغاية.
فى مارس تتوالى الاحتفالات بالنساء: يوم المرأة العالمى، يوم المرأة المصرية، عيد الأم، كلها تحل مع قدوم الربيع، ويا للسخرية، فحاملات الربيع يعشن ما بين خريفٍ وشتاءٍ دائم! الاحتفال ليس أن ننتج البرامج، ولا أن نلحن الأغنيات، الاحتفال هو احتفاء بوجود المرأة فى حياة البشرية، كم رجلا احتفى بزوجته بامتنانٍ حقيقى، امتنان قد يعرف قيمته لو أنه فقدها مبكراً؟، كم ابنا عرف عظمة أن أمه لا تزال على قيد الحياة فظل يفرح بذلك كل يوم؟، كم أخا أدرك أن دوره فى حياة أخته، هو أكبر وأوسع وأعمق، من أن يطاردها قبل أن تخرج ليرى ماذا ترتدى؟ وبصحبة من ستخرج؟ ومن ذا تحادث فى الهاتف؟.
كم رجلا أدرك أن المرأة التى تسير فى الشارع هى إنسان!، إنسان يحيا تماماً مثله!، كم رجلا رأى فى المرأة التى ترأسه فى العمل كفاءة حقيقية، أنها زميل يستحق مكانته، زميل نوعه أنثى، وليست امرأة يقهره وجودها فى مرتبة وظيفية أعلى؟، كم رجلا خطر إلى ذهنه أن السيارة التى تقودها امرأة، هى ملكها لأنها اشترتها من حر مالها، وليست هبةً من رجل، وأن مالها هذا نتاج عملٍ شريف وليس نتيجة كونها عاهرة؟!.
يتشدقون بتقدير الأم وما هم فاعلون، ولو أنهم فعلوا لما رأوا المرأة فى وظيفة «أم» وحسب، لكون ذلك يحافظ على دوران عجلة إنتاج الأسرة!، لرأوها امرأة بكل معنى الكلمة تحمل من الحياة سرها ولا تستحق عبوديتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة