وأخرتها؟.. حنفضل كده على طول؟.. الرئيس مرسى وعدنا أنه بعد الموافقة على الدستور، سيأتى الاستقرار وتبدأ مرحلة بناء مؤسسات الدولة.. ولم يتحقق شىء سوى مزيد من القتلى والدماء وتدهور الأحوال الأمنية وانهيار البقية الباقية من هيبة الدولة.. بل أكاد أقول نحن نعيش مرحلة اللادولة ولم يبق من ملامحها إلا الأمن المنهك فى الكر والفر وراء المتظاهرين، حتى ملّ عدد كبير من ضباط الشرطة هذه اللعبة السخيفة، التى تورطهم فى مواجهات دامية مع أبناء وطنهم، فبدأوا مرحلة العصيان. وهى أخطر متغير على مسرح الأحداث، لأن ذراع الدولة ترتد على نظام الحكم وتعصاه وتتمرد عليه، بشكل ربما لم يحدث على مدى تاريخ الدولة المصرية.
وقبل ذلك لم تأت الانتخابات الرئاسية باستقرار ولا ترسيخ لمؤسسات الدولة، لأن الرئيس المنتخب لم يتبن سياسات المصالحة ولم الشمل وتضميد الجراح، ولم يبدأ فترة حكمه الأولى حائزاً على قبول عام من مؤيديه ومعارضيه، ولكنه انحاز لعشيرته وجماعته وتمحورت كل قراراته وإجراءاته وتحركاته فى الهيمنة والسيطرة على مفاصل الدولة، فأصبح "شركاء الميدان" الذين أيدوه وانتخبوه هم "خصوم القصر"، ومستهدفين من الإخوان بكل ألوان الاستعلاء والإقصاء والتهميش، فزادت حدة المعارضة وانعدام الثقة والتحفز والتربص، وأبدى كثيرون أسفهم وندمهم أنهم انتخبوا مرسى رئيساً، لآن المصالح لم تعد تتصالح وإنهار شهر العسل قبل أن يبدأ.
لم يذق هذا الوطن طعم الراحة منذ ثورة يناير ولا تكاد تذهب إلى أى مكان حتى تسمع الشكوى بصوت يقترب من الصراخ، ويبدو أن الإخوان فقط هم الذين لا يسمعون كعادة كل من يعتلى مقاعد السلطة، لا يفرق بين الجماهير التى تمشى وراءه لتؤيده أو لتقذفه بالحجارة، واستمروا فى التشدق بالصندوق وسرعة إجراء انتخابات مجلس النواب، وهم يؤكدون أيضا أن الاستقرار سيأتى بعدها وتقف الدولة على قدميها بعد استكمال مؤسساتها، مع أن كل التجارب السابقة سارت فى عكس الاتجاه، وزاد الطين بلة التسرع والعجلة فى تمرير قانون الانتخابات، حتى تدخلت محكمة القضاء الإدارى وأوقفت العبث بالقانون وأرجأت الانتخابات إلى حين إصلاح العوار والخلل فى صياغة القوانين وتمريرها.
وأخرتها؟.. ومتى تهدأ الأوضاع ويعود الأمن والإستقرار ويزول الاكتئاب والهم، متى تتوقف الأحداث الدامية والشباب الذين يتساقطون والدماء التى تسيل.. والأخطر أنه لا تبدو فى الأفق أى بارقة أمل فى أن هذا الوضع سوف ينتهى بعد شهر أو شهرين أو حتى عام أو عامين، فكل يوم ينفتح جرح جديد.. بل أن البلد يتفكك والخلافات تزيد وطوابير الطامعين تطول، بعد أن أدركوا أن كعكة السلطة توضع على المائدة من جديد، والرئاسة على عنادها وإصرارها على اللجوء إلى الصندوق دون تمهيد الطريق إلى الصندوق، بمبادرات جادة وخلاقة وإبداعية توحد الصف وتلم الشمل وتحقن الدماء وتضمد الجراح.. وجلال الله حرام اللى بنعمله فى مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة