لعل سطورى هذه جاءت متأخرة وما كنت لأخطها - أصلاً- فقد تناسيت أو قل حاولت تناسى الأمر، حتى لا أصاب بمرض عضال من الغيظ، لكن دفعنى لذلك الزيارة الأخيرة التى قمت بها منذ أيام قلائل لبنى سويف، خاصة قريتى وما رأيته خلال تنقلى فى المواصلات من سخط السويفية العام من تصريحات قنديل، وتردى الأحوال فيها التى اختزل هشام قنديل حلها فى تصريحاته عن نسائها، وبالطبع لك يا سيدتى أن تغضبى ولك يا سيدى السويفى أن تغضب فقد أهين عرضكما، فالجرح عميق وماذا يبقى بعد العرض؟
بنى سويف أهدأ بلاد الله على وجه المعمورة، فليس من طبعها قطع الطرق أو الإضراب عن العمل، أو تعطيل عجلة الإنتاج، مع أنها أيضاً من أفقر بلاد الله، ومع ذلك لم تكن يوماً لها مطالب إلا بما يتماشى مع حالة الدولة ولم تكن يوما صداعا فى رأس مسئول أو عبئا عليه، يمتاز أهلها - رغم شظف العيش- بطيب النفس ونقاء القلب وطول البال والصبر على حين البأس الذى يعيشونه دائما، سلاحهم الأمل ومبتغاهم قوت يومهم.
بعد تصريحات قنديل "الفكيك" بأن المرأة السويفية تغتصب وهى ذاهبة إلى الحقل مبكراً لقضاء حاجتها، وأن سبب مرض أبنائهن هو أن النساء لا يغسلن أثداءهن قبل رضاعتهم، خرج علينا معتذراً متعللاً بأنه كان يمزح ولم يكن يعلم أنه ما زال على الهواء، وهو عذر أقبح من ذنب، فكأن شعب مصر أصبح مادة ثرية للتندر والسخرية، فمن قبل وزير مالية مبارك بطرس غالى يسب الدين للشعب، واليوم هشام قنديل يتضاحك بنساء بنى سويف، وهو أيضاً صاحب التصريح السخيف "بارتداء الملابس القطنية وأن نقعد فى أوضة واحدة لترشيد استهلاك الكهرباء" باسم الهزار، أو لعل الأمر له بعد آخر وهو أن المسئولين فى مصر جبلوا على أن يخرجوا أمام الكاميرات بكلام معسول ووعود براقة ومن وراء الكاميرات يخرجون ألسنتهم للشعب ساخرين منه.
طيب يا قنديل أهالى بنى سويف كمان بيهزروا معاك وبيقولوا لك: ما دمت تعلم أن نساءهن يذهبن للحقول لقضاء حوائجهن باكرا ويغتصبن وفر لهم الأمان، بيهزروا معاك وبيقولوا لك: ما دمت تعلم أن أسباب أمراض الأطفال كما ذكرت، فلما لم تدشن لهم حملات توعية صحية للوقاية منها قبل أن تجعل نساءهم مضحكة لك، بيقولوا لك وفر لنا خدمة صحية تليق ببنى آدم، فيكفيك أن تعرف أن الوحدة الصحية بقريتى فى بنى سويف بلا طبيب منذ ما يزيد على الشهرين، ومستشفى الصدر بسمسطا - أحد مراكز المحافظة- به طبيب واحد كشفه يوم الاثنين فقط من كل أسبوع، والله أعلم كيف الحال فى بقية المراكز، بيهزروا معاك وبيقولوا لك ابن لنا مدارس فى القرى والنجوع بدلاً من ذهاب أبنائهم إلى المركز.. وفر لهم الصرف الصحى الذى لم يصل معظم قرى المحافظة إلى الآن.. إلخ.
إن المرأة السويفية التى تهكم عليها قنديل ربما تزن ألفا من بعض الرجال - دون مبالغة- هذه الأيام، فيكفيها فخرا مثلا أن يسافر زوجها إلى الخارج بحثا عن عمل لم توفره له دولته وتقوم هى بمهامه على الوجه الأكمل وأفضل، فتذهب إلى الحقل وتسقى الحرث كما تقول، ولكن يبقى عرضها وعرضه مصانا إلى أن يعود وقد لا يعود ويموت خارج بلاده كما حدث لكثير من المصريين ممن قتلوا فى الخارج دون أن يسأل عنهم أحد، فإذا كنا نهان فى مصر فماذا ننتظر فى خارجها؟
أما على الناحية السياسية، فيكفى أنك مدان للمرأة السويفية بشكل أو بآخر فى جلوسك على كرسى رئاسة الوزراء، فبفضل صوتها إلى جانب صوت الرجل حصل الرئيس محمد مرسى على ما يقرب من 51% فى انتخابات الرئاسة، وبالتالى كان اختيارك رئيساً للوزراء من قبله، فهل هذا جزاء الإحسان يا قنديل، لكن حسبك الآن أن يذكر اسمك بين السويفية لتجد سيلاً من اللعنات عليك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة