كلما تقابلت مع رموز المعارضة المصرية، وسألتهم عمن يقف خلف أحداث العنف، ومن يمارسونه أمام الاتحادية، ويتسببون فى إراقة دماء المصريين، ويغلقون المصالح الحكومية، ويعتدون على الفنادق السياحية مثل سميراميس وشبرد، ويغتصبون المتظاهرات ويتحرشون بهن، ويقطعون الطرق ويلثمون وجوههم، أجد الجميع يؤكد أنهم بلطجية، وأن شباب الثورة يرفضون الزج بالوطن فى غيابات العنف، ولكن الغريب عندما أطالبهم بأن يعلنوا ذلك أمام الكاميرات، تلجم أفواههم، وتخرص كلماتهم، وتتعسر خطواتهم، بل يصل الحال بهم إلى أن يقولوا لى إنهم خطر، ومن الممكن أن يتخذوا من المواقف التى تضرهم عند تواجدهم فى الميدان!
وكأن هؤلاء البلطجية أصبحوا مراكز قوى، تبتز قوى المعارضة، وتجبرهم على اتخاذ مواقف تتنافى- على حد قولهم- مع قناعتهم، ويسلمون البلد بذلك للشيطان الذى يعيث فى الأرض فسادا وعنفا، ويجر المصريين لمشهد دموى، ندفع فيه أغلى ما نملك، وهو دماء شبابنا الثائر الذى يجد نفسه أمام معارك لم يخطط لها، أو ينوى المشاركة فيها، ولعل انسحاب أبناء حركة 6 إبريل من أمام الاتحادية فى الأحداث الأخيرة، بعد دخول بلطجية تصدروا المشهد وهاجموا قوات الشرطة، وحاولوا اقتحام قصر الاتحادية، يؤكد أن الرسالة وصلت لبعض شباب الثورة.
بل ومن الغريب أن هؤلاء البلطجية تحولوا بقدرة بعض الإعلاميين منعدمى الضمير، إلى أبطال ورموز للحركة الثورية، وخير دليل على ذلك أن من قام بمساومة طاقم قناة مصر 25 بعد الاعتداء عليهم، على رد المعدات مقابل مبلغ 3500 جنيه، استضافه إعلامى على أنه مسؤول اللجان الشعبية بميدان التحرير، وسوق عمله على أنه محاولة لمنع قناة «الإخوان» من دخول الميدان!
وهنا سأطرح مجموعة من الأسئلة أرجو ممن لديهم عقل أن يجيبوا عنها، فهل من المنطق أن نسمى من يغلق مجمع التحرير ويمنع الناس من قضاء حوائجهم بحجة إجبار المجتمع على العصيان المدنى ثوارا؟، وهل يجوز أن نصف من يلثمون وجوههم ويلقون الزجاجات الحارقة «المولوتوف» والحجارة، بل يستخدمون الخرطوش ويطلقونه على رجال الشرطة ومؤسسات الدولة بالمتظاهرين؟، بل هل من المنطق الذين يقومون بالاستيلاء على سيارات الشرطة ويحرقونها أمام الكاميرات ثم يقومون بتحويلها لأوكار لتعاطى المخدرات أن نصفهم بالثوار الغاضبين؟، وهل من العقل أن ننعم على من يفتى بقتل رئيس الجمهورية وتعليق رأسه بميدان التحرير بلقب المفتى البطل؟
إنها قلب للحقائق، وجبن ممن يتصدرون مشهد المعارضة، فهم يحاولون ركوب الموجة ويوظفون أعمال الخارجين على القانون لصالحهم، ولكن لم يفطن هؤلاء إلى أن رصيدهم بالشارع مُحِىَ، بسبب جريمتهم فى إعادة إنتاج الفلول فى شكل ثوار، وفتح ميادين الثورة التى أبت وظلت عصية على البلطجية والفلول لهم، وتصدى لهم شباب الثورة بدمائهم الزكية، حتى لا تطأ أقدامهم النجسة هذه الميادين، ولكن للأسف لغة المصالح والعجز عن الحشد، وضعف السند والرصيد الشعبى، دفع هؤلاء لبيع الميادين الثورية لهؤلاء البلطجية، وكانت النتيجة أن دفعنا جميعا من أعراض بناتنا الثوريات، ودماء شباب الثورة هذه الفاتورة القذرة، التى لابد أن تعترف المعارضة أنها تورطت فيها وأنها مسؤولة سياسيا عنها، فهل من صاحب ضمير وطنى يستجيب لنداء الحكمة والعقل، لكى نتصدى لظاهرة البلطجة التى ترتدى ثوب الثورة والثوار، ونوقف المسلسل الدموى الذى أدمى قلوبنا؟
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة