العمل السياسى يعتمد بقدر كبير على ما تتمتع به الفصائل السياسية، من ذكاء فى تقدير المواقف، واتخاذ القرارات الحاسمة فى الوقت المناسب، والتحرك بكل قوة نحو ما يريده عامة الشعب، ويتطلع لتحقيقه، حتى لو خالف ذلك ما تتبناه الأحزاب من مواقف تراها من وجهة نظرها الأفضل فى معالجة قضايا الواقع السياسى. لكن نجد واقع معظم الفصائل والقوى الحزبية المصرية المعارضة، للأسف سقطت فى خطيئة التقديرات الخطأ، التى زجت بنا فى غيابات الصراع، واغرقتنا فى أمواج العنف، وأدت إلى تفريق شمل الوطن وتمزيق وحدته، ومن أبرز هذه التقديرات الخاطئة فى هذه المرحلة، محاولة قيادات جبهة الإنقاذ وبعض الشباب استنساخ مشوه لثورة 25 يناير، من خلال استخدام أسماء متشابهة لفعاليات الثورة الحقيقية، لفعاليات فاقدة الشعبية، ومرفوضة من الرأى العام، ووصفت بالفشل الذريع، بسبب العزوف الشعبى عنها، بالرغم من أنها حملت أسماء مثل «جمعة الكرامة - جمعة الرحيل – جمعة الحسم». وبالرغم من تتابع الفشل فى إحياء هذه المسميات فى ذكراها على أرض الواقع، إلا أن الفشلة مصممون على الاستمرار فى فشلهم وجر البلاد لمزيد من العنف الذى راح ضحيته العشرات، ولا نعلم كيف لفصيل سياسى لا يرى أن التوافق الوطنى بين مختلف القوى السياسية، من أقصى اليمين لأقصى اليسار، شرط أساسى لنجاح أى ثورة، وخير مثال على ذلك ثورة 25 يناير، لكنها «لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور».
ومن العجيب أن بعض القوى السياسية وعلى رأسها جبهة الإنقاذ، استبدلت بالبلطجة، الوسائل السلمية للتعبير عن مطالبها، ففى الوقت الذى لوح بعضهم بالعصيان المدنى أمس، وإن كان بعض قاداتهم نفوا الدعوى للعصيان، لأنهم يعلمون أن الشعب لن يستجيب لهذه المهاترات، التى تستهدف شل الاقتصاد وإيقاف عجلة الإنتاج، وجدنا بعض شبابهم يتناسون معنى العصيان المدنى، والذى من بديهياته أن يقوم على إرادة شعبية، ويتبناه عامة الشعب، وعلى عكس ذلك وجدناهم يحاولون فرضه عنوة على الشعب، من خلال إغلاق بعض المصالح الحكومية، كما حدث فى مجمع التحرير أمس الأول، ومنع الناس من دخوله، وأيضا الدعوى لإغلاق مترو الأنفاق أمام الناس، بدعوى تفعيل العصيان المدنى المزعوم، وهذه التصرفات التخريبية الصبيانية، ما تزيد الشارع المصرى، إلا رفضا لهذه المواقف، وغضبا سينقلب مرده على من تسبب فيه، ولعل تتابع هذه التقديرات السياسية الخاطئة، دفعت بعض قيادات هذه الجبهة، إلى الرجوع عن مواقف معلنة سابقة، وتحاول اللجوء إلى خطاب أقل حدة، وتحاول أن تجد مخرجا لمواقفها الداعية للعنف والتشرذم، وأتمنى أن يفيق هؤلاء من غيهم قبل أن يجرونا جميعا إلى هاوية لن ينجو منها أحد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة