لا يزال يسقط شهداء ولا تزال الأرض المصرية فى حالة غضب وهياج ما بين صعود وهبوط والأمن بين جميع الأطراف فى حيرة، وأرى أنه آن الأوان لمبادرة الأزهر الشريف أن تحتل الساحة وتجمع جميع الأطراف وتلتقى حول دائرة المفاوضات.. فإذا كان البعض لم ير نفسه فى الحوارات الدائرة هنا وهناك، فإن الكل فى هذه المبادرة الناضجة التى غطت على جميع المبادرات التى انتشرت فى الشارع المصرى وكادت أن تنسف يقينية أنه لا حل.. وسيبقى المواطن رهن الضياع وفى انتظار المستحيل.. كنت أتخيل ولا يزال بنفسى أمل أن تقوم الأحزاب بدورها.. كيف غابت هذه الأحزاب عن مساحتها وسط الجماهير وكيف لا يراها الناس فى مشاكلهم.. وفى توجهات الشباب ولا يجدون من يرشدهم.. ولدينا من الأحزاب ما يكفى للقيام بهذا الدور الرشيد.. قبل الثورة كانت هناك أحزاب على يمين السلطة، وعلى يسارها، وكنا نقول إنها مكبلة ومقيدة بقيود وقوانين تعسفية، ولم تقم هذه الأحزاب بدورها الحقيقى نتيجة هذه العقبات.. إلى جانب أن الدستور السابق قيد إنشاء الأحزاب والجمعيات الأهلية.. ولكن المدهش أن الدستور الجديد يؤيد إنشاء الأحزاب بمجرد الإخطار إلى جانب الجمعيات الأهلية إلى جانب إصدار الصحف.. ولكن شيئًا لم يحدث بعد الثورة سوى أن رأينا عشرات الأحزاب الجديدة أنشئت وتكاثفت وتكاتف بعضها مع الآخر، ولكن الواضح أنها لا تزال بعيدة عن الجماهير.. نعرف فقط جبهة الإنقاذ التى تضم مجموعة من الأحزاب.. ولكننا لم نعرف هل هى جبهة ضد الحكومة أم ضد السلطة جميعها أم ضد جماعة الإخوان؟! نريد مزيداً من التواصل مع الأحزاب ولترفع هذه الأحزاب كل الستائر والفواصل والضبابية التى تغلق على كثير من فعالياتها.. لأن الثورة حين قامت كانت بهذا الهدف.. وكان الهدف الأسمى هو التقارب الجماهيرى على كلمة سواء.. نريد أن نتواصل مع بعضنا البعض بعيداً عن أصوات دخيلة لا نعرف ماذا وراءها وماذا تريد؟! وهل لها مشروع قومى أم لا؟! نحن لا نزال فى مفترق الطرق، وأخشى أن نكون قد دخلنا فى بحر المتاهة.. لأن بوصلة الوطن تعثرت عن الوصول إلى بر الأمان.. أرى أنه آن الأوان لنتوحد تحت راية الأزهر الذى نجح فى توحيد الآراء.. والسؤال هو متى يتم تفعيل هذه المبادرة المكتملة؟! لأن الواقع الذى نعيشه قد فاق الحد.. والدم قد ملأ الشوارع والفوضى تزيد كلما أراد الثوريون القيام بمليونية.. ومع مزيد من هذه المليونيات تزداد حدة الاحتقان عند بعض المسؤولين، وتزداد الفجوة خاصة مع رفض كثير من الأحزاب إجراء حوار، وقدمت شروطا لهذا الحوار مع الرئيس.. أعتقد أن الأمر قد تجاوز هذه الشروط وعلينا أن نتنازل عن بعض الأحلام الشخصية فى سبيل الوطن، لابد من الحوار والتواصل مع بعضنا البعض فإن الوقت قد فات لأن نعلن عن مبادرات جديدة.. ليس لدينا سوى اليقين بأنه لابد من إنقاذ الوطن، رئة الوطن تختنق، دماء الوطن محبوسة، قلب الوطن يئن وثياب الوطن تكاد تحترق.. ولابد من النهوض سريعًا لتجاوز الأزمة.
لابد أن نلم أشلاء ما تمزق منا حتى لا نرى كل فترة هذه المظاهر الخارجة عن طبيعة المصريين، ظاهرة مثل سحل الشاب حمادة صابر، وظاهرة مثل فوضى اقتحام الفنادق وظاهرة مثل البلاك بلوك وغيرها، وكأننا قد تغيرنا شكلاً ومضمونًا، ولكن إلى الأسوأ، وكأننا عدنا إلى الخلف وكأن الثورة لم تتفاعل معنا.. ما أحوجنا اليوم إلى أن نلتف حول بعضنا البعض وأن نتجاوز أى خلافات شخصية فى سبيل الوطن الأكبر الذى لابد أن يسيّجنا جميعًا ويملأنا ويحتوينا بدلاً من أن نمزقه وتتبعثر أشلاؤه.. وتتجاوز الخيلات فينا حدود الواقع.. لا يزال لدينا وقت لبناء أنفسنا، لا يزال لدينا وقت لإنقاذ مصر.. لإنقاذ الشباب لإنقاذ الأجيال.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة