انتهت معركة الدستور الصغرى فى ساحة لجنة الخمسين، وبدأ العد التنازلى للموقعة الكبرى يوم التصويت، وإقناع الناخبين بالنزول بالملايين والحشد أمام صناديق الاستفتاء، من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية وحاضر مصر ومستقبلها ورفع رايتها، وقطع الطريق على الإرهابيين وطيور الظلام الذين أرادوا بها سوءًا، وبداية الموجة الثانية لثورة 30 يونيو بإقرار دستور محترم يحفظ استقلال الوطن، ويمهد الطريق لاستعادة الأمن والهدوء والاستقرار، وتضميد الجراح التى تنزف منذ قرابة ثلاثة أعوام، والتفرغ للتنمية والبناء وإنقاذ الاقتصاد المنهار، وإعطاء شحنة أمل للناس فى غد أفضل، لن ينخدع المصريون ولن يلدغوا من الجحر مرتين، ولن يصدقوا الحرب الإعلامية الشرسة التى يشنها الإخوان لإفشال الدستور، ولن تنطلى عليهم أكاذيبهم عن الشرعية، فالشرعية للشعب ومن يمسسها فلا شرعية له، وتأكد الناس بأنفسهم خلال حكم الإخوان الأسود، أنهم يريدون سرقة الوطن ومحو هويته والقبض على السلطة، ويضربون تسامحه ووسطيته واعتداله، لصاح التشدد والتطرف والانغلاق والإقصاء، والآن يضع المصريون دستورا مدنيا عصريا متحضراً، يوحد ولا يفرق ويلم الشمل ويعيد اللحمة، بعد أن غرس المعزول وأهله وعشيرته بذور الفتنة، وجعلوا المصريين إخوة أعداء يقتلون بعضهم، وأصبحت أرواحهم رخيصة ودماؤهم مهدرة، وآن الأوان أن يعود هذا الشعب لروح التسامح والتعاطف والمودة التى اشتُهر بها بين الشعوب.
يكفى هذا الدستور فخرا أن أنقذ البلاد والعباد من ويلات الأحزاب الدينية، التى تتاجر برسالات السماء من أجل الكرسى والسلطان، وتضع السيف بجوار المصحف لتقتل باسم الله، والله سبحانه وتعالى برىء من أفعالهم وأقوالهم، وكم من أمم أفنت شعوبها عندما حكمتها جماعات على غرار القاعدة وطالبان؟ ومصر كانت فى الطريق إلى ذلك لولا ثورة الشعب ومساندة الجيش العظيم، وآن الأوان أن يقول المصريون «لا» لجميع صور الخداع الدينى، حتى لا تعود إلى الحكم من جديد جماعات إرهابية تتخفى وراء شعارات دينية، ولن يتحقق ذلك إلا إذا وافق المصريون على دستورهم بنسبة أكبر من دستور مرسى، حتى لا نترك أى فرصة للإخوان للمزايدة والكذب، ويتأكدوا أن دستورهم الباطل مرفوض تماما من غالبية المصريين، الدستور الجديد ينهى إلى الأبد أسطورة تقديس الرئيس التى جلبت على البلاد الديكتاتورية والهزائم والنكسات ويحقق توازنا ضروريا بين سلطاته واختصاصات الحكومة ورقابة البرلمان، وأعتقد أن انتخاب الرئيس أولا وقبل البرلمان، يعجل بنهاية المرحلة الانتقالية وينقل زمام الأمور إلى رئيس منتخب من الشعب، يمارس صلاحياته الدستورية وتكون له شرعية حقيقية، يستمدها من الحفاظ على شرعية الوطن وحماية أمنه واستقراره، والدفاع عن مصالحه العليا وعدم التفريط فى أراضيه، فمصر تقوى ويرتفع شأنها عندما يكون رئيسها قويا ومرفوع الهامة والقامة، بعكس الرئيس المعزول الذى أهدر قيمة المنصب وأضاع هيبة الرئيس.. لا تسمحوا للإخوان ومن معهم أن يفسدوا ذلك العرس الديمقراطى الجميل، فمن مصلحة كثير من القوى والتيارات الدينية والسياسية أن تظل مصر فوق صفيح ساخن، وأن تتدهور أوضاعها السياسية والاقتصادية والأمنية، حتى يجدوا أزمات يتاجرون بها ويلعبون عليها، وكلما هدأت الأوضاع واستقرت الأمور فقدوا الأرض التى يقفون عليها، والأيام القادمة هى معركتهم الأخيرة للبقاء والاستمرار، ولن يتركوا سلاحا إلا استخدموه، ابتداء من التظاهر والتخريب وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، حتى اقتحام اللجان وتعطيل الاستفتاء، ومزاعمهم المعدة سلفا حول التزييف والتزوير، واستخدام الأموال والشائعات وأكاذيب الشريعة والشرعية، لأنهم يعلمون جيدا أن إقرار الدستور هو نهايتهم، وخروجهم من المسرح السياسى دون رجعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة