كرم جبر

مبارك ومرسى.. لا وجه للمقارنة !

الأربعاء، 06 نوفمبر 2013 09:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حين دخل مبارك القفص لأول مرة كان هادئاً ومستسلما ومستلقيا على سرير طبى، ورد على رئيس المحكمة بأدب واحترام وانكسار، ولم يفعل مثل مرسى الذى دخل القفص مختالاً كالطاووس، متعالياً على هيئة المحكمة ومنادياً رئيسها بعبارة «أنا رئيسك الشرعى»، والفرق بين الرئيسين أن الأول رجل دولة، يعرف معنى كلمة دولة، ويحترم قوانينها ويصون هيبتها ويوقر قضاءها، أما الثانى فأقرب إلى زعيم عصابة، يتمرد على الدولة التى حكمها وجماعته لمدة عام، ولم يفق حتى الآن من صدمة 30 يونيو، فماذا كان يفعل هو وجماعته لو حكم مصر لمدة 30 عاماً، وحارب وبنى وشيد وأنشأ وعمّر، وهل كان سيترك الحكم بالصندوق أو الثورة؟
ولم يفعل رجال مبارك مثل أعوان مرسى، لم يفسدوا جلسة المحاكمة، ولم يكن بينهم عريان أو هدهد أو بلتاجى، يطلبون من رئيس المحكمة أن يخلع عليهم سلطانية الشرعية مثل رئيسهم، ويهتفون فى القفص «يسقط حكم العسكر»، وإنما استسلموا لمصيرهم وقضاهم وسلموا أنفسهم للعدالة، دون محاولات للهروب إلى ليبيا إو الاختباء فى القاهرة الجديدة أو التمويه بالنيولوك، والمعنى المقصود من ذلك أن الشرعية ليست صنما، إذا أعجبنا عبدناه، وإذا تعارض مع مصالحنا حطمناه، وإنما هى احترام هيبة الدولة وقوانينها وسلطاتها، وإعلاء راية القانون والمثول أمام العدالة مثل سائر المواطنين، أما ما فعله مرسى ورجاله فى القفص، فيجعلنا نسجد لله شكراً أن أزاحهم من الحكم.
ماذا قدم مرسى لمصر ليصدعنا باسطوانة الشرعية المشروخة، وحتى كاد أن يقول: «أنا عاطف الأشمونى مؤلف الجنة البائسة»، هل دخل حرباً وانتصر فيها ليكتسب شرعية النصر، هل ابتكر مشروعاً خلاقاً للتنمية غير طائر النهضة الخرافى، وماهى أوراق اعتماده غير تمكين أهله وعشيرته، وإشعال الفتن الدينية التى نامت ولعن الله من أيقظها، والتآمر على أرض الوطن والتفريط فيها، والتخابر والتجسس والارتماء فى أحضان عصابة حماس، وما هدية مرسى للمصريين غير الهم والنكد والحزن والاكتئاب واليأس والبكاء على مستقبل وطن عريق، كاد أن يضيع، هل أيقظ فينا الأمل والتفاؤل والحب والتسامح، أم الكراهية والحقد والغل والعدوانية؟
لقد تصور مرسى الذى دخل القفص رافعا يده بالتحية لأنصاره فى حركة كوميدية ساخرة، أنه مازال يجلس فى القصر الرئاسى بالاتحادية، وليس فى قفص المحكمة بأكاديمية الشرطة، فأخذ يصدر الفرمانات والأوامر والتوجيهات، غير مدرك أن ملفه الأسود الممتلئ بالجرائم، قد يقوده إلى السجن مدى الحياة، وكما لم يقدر خطورة منصب الرئيس وهو فى الحكم، لا يدرك كارثية الاتهامات الموجهة إليه وهو فى القفص، فتعامل باستخفاف واستهتار وعدم وعى فى الحالتين.. مستقوياً بحالة الغيبوبة التى يعيشها، ومدمناً هو وأهله وعشيرته حلم العودة المستحيلة إلى العرش والقصر، ولن يخرجوا من هذه الحالة المزمنة قريباً.
كان من المفترض أن يستوعب مرسى وجماعته دروس الصدام بالدولة، وأن يعلموا أن قوتها أكبر من قوتهم، وأن ذراعها أطول من ذراعهم، وأن مصر كبيرة ولن تحكمها جماعة، ولن تسطو عليها عصابة، وإن هويتها الحضارية والثقافية لا يمكن محوها، وأن تظاهراتهم وأعمالهم الإجرامية فى الشوارع وتعطيلهم حياة الناس، سوف تنتهى عاجلاً أو آجلا، ولكنهم فعلوا مثل اللص الذى سرق محفظة مواطن شريف فى الأتوبيس، ويريد أن يطهر سرقته.. إنها بالضبط شرعية مرسى التى يريد أن يطهر بها السطو على مصر.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة